لماذا ربط البردوني بين استشهاد الحسين واحتلال فلسطين؟

تحدث الشاعر والاديب الكبير عبدالله البردوني عن استشهاد الامام الحسين وعاشوراء وذلك في تناولات عدة نشرتها الصحف اليمنية خلال العقود الماضية.

ولعل الملفت أن الأستاذ البردوني ربط في أحد مقالاته التي نشرت في صحيفة 26سبتمبر (اعيد نشرها مؤخراً) عن ذكرى عاشوراء بين قضيتين الأولى استشهاد الحسين والثانية القضية الفلسطينية.

ومن اللافت ايضاً أن تأت ذكر استشهاد الحسين بالتزامن مع الأحداث الأخيرة في غزة وخروج اليمنيين اليوم احياء للقضيتين معاً الحسين وفلسطين حيث يقول البردوني :

قبل تجلي هذه القسمات الوردية عبر العصور , يحسن التوقف عند سببيتها لمكاشفة النتيجة , في العاشر من محرم سنة 60 للهجرة تأججت معركة كربلاء بين الحسين بن علي وصحبه وبين يزيد بن معاوية وأتباعه وجيوشه , وتمخضت المعركة عن استشهاد الحسين بن علي الذي تحول استشهاده إلى قضية انسانية تشبه قضية فلسطين في عصرنا , فإلى الآن ما يزال استشهاد الحسين أسخى مدد الشعر والراوية والمسرحية والدراسات التاريخية .

 

فليس من العجيب أن يشغل يوم عاشوراء ثقافة عصور , لأن أعظم القضايا شغل العظماء ومطمح تجديد الثقافات , فالقضية الفلسطينية التي لم تتجاوز الواحد والأربعين سنة استوقدت كوامن الأصالة الشعرية والخلق الفني , وسوف تظل هذه القضية أعظم قضايا الملايين من الناس وأعظم محاور الرقي الثقافي عشرات القرون , وهذه المقارنة بين استشهاد الحسين واغتصاب فلسطين مبررة الوجهة والوجوه , فبعد مقتل الحسين بقرن وقرون وبعد تعاقب السلطات من عدة بيوت وأجناس , ظل استشهاد الحسين جياشا في صدور الأنقياء من الناس وفي احساس المتفوقين من الشعراء والكتاب , كذلك قضية فلسطين فإنها اليوم مختلفة الصورة عنها قبل عشرة أعوام , فقد قبلتها أو وافقت عليها بعض الزعامات وتكاد أن تهضمها زعامات ومؤسسات أخرى , لكن هذه القضية الاغتصابية سوف تظل مركزية الثقافة الشعبية ,لأن الزعامات متعاقبة ومتغايرة , أما الحس الإنساني بقداسة كل قضية عظمى , فانه يملك  ديمومة التطور ولا يملك أن يلين للفناء , فكما كتب عن استشهاد الحسين الرومي والفارسي والعربي والتركماني , تهافت حول قضية فلسطين القلم السوفيتي واليوناني والفرنسي والانجليزي والعربي والتركي والهندي والصيني بل قاتل الى جانب الفلسطيني الياباني والأمريكي والتركي والكردي , فهذه القضية العظمى لا تزول عن خارطة الفن الشعوري والعقلي إلا بزوال الاغتصاب الذي ستبقى ذكراه مدد التنديد , وليس هذا احد المستحيلات , فلكل الشعوب الى جانب كل حق مهضوم وضد كل اغتصاب سواء وقع على جبل طارق أو جزر الفوكلاند أو على قيرنادا أو على رأس الحسين أو على رأس الثورة الفلسطينية , لأن الشعوب أخوة حق ولأن الثقافة الانسانية لا تصالح كالكواليس ولا تقف عند ممكنات السياسة , لأنها حركة لها ديمومة التواصل وانسانية القوة وقوة الانسانية , فكل يوم يشبه عاشوراء فهو ينتمي إليه , وكل فن قولي جدد حياة عاشوراء فهو ينتمي إلى نظائر عاشوراء , لأن المأسوية أقوى بواعث الأسى الانساني الذي يرتضع الحنين لكي يقوى على مصاولة معابر الوصول .

 

 

قد يعجبك ايضا