هكذا تُشكل السعودية الخارطة السياسية والعسكرية في الجنوب بين الانتقالي والعليمي (تقرير)

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|

لم ينتظر الشارع اليمني طويلاً منذ تشكيل السعودية مجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي وعضوية أبرز القيادات العسكرية التي تملك نفوذها على الأرض جنوب اليمن، حتى تبينت له – للشارع اليمني – ملامح الخارطة الجغرافية العسكرية والسياسية التي شكلتها السعودية في الجنوب لإدارة صراع متناغم فيما بين القوى السياسية والعسكرية الفاعلة على الأرض بما لا يسمح لأي طرف من هذه الأطراف المنضوية تحت رايتها بأن يفرض نفوذه وهيمنته على الطرف الآخر وبما يجعل كل طرف متوجساً من بقية الأطراف بما في ذلك رشاد العليمي نفسه.

ويمكن القول اليوم أن السعودية تحيك خيوط لعبة خطيرة في الجنوب، والهدف إدارة صراع متناغم خلال المرحلة المقبلة بما يجعل الجنوب غير مستقر أطول فترة ممكنة، وطبعاً فإن المنفذين لهذا الصراع هم العليمي وعيدروس الزبيدي وطارق عفاش وفرج البحسني وعبدالرحمن المحرمي.

وقبل سرد أبرز الخطوط الرئيسية التي ستشكل الخارطة السياسية والعسكرية في الجنوب، يجب التذكير بأن ذكرى عيد الوحدة 22 مايو لهذا العام كشفت أن العليمي لم يستطع فرض نفسه كرئيس على الجميع في الجنوب، وسبق ذلك مؤشرات أخرى قبل مجيء ذكرى الوحدة كشفت أيضاً أن العليمي لا سلطة له على محافظات بأكملها جنوب اليمن كما سيأتي توضيحه لاحقاً.

الخارطة التي تريد السعودية تشكيلها جنوباً – مؤقتاً طبعاً – هي كالتالي:

– تمنح السعودية الانتقالي السيطرة الأمنية والعسكرية على الأربع المحافظات التالية (عدن، أبين، لحج، الضالع) تحت مسمى المنطقة العسكرية الرابعة بمقابل دمج قوات الانتقالي (أمنية وعسكرية) ضمن الدفاع والداخلية التابعة لحكومة العليمي، بمعنى منح الانتقالي السيطرة العسكرية على هذه المناطق الجنوبية الغربية، وبالطبع فإن مسألة الدمج لن تكون سوى مسألة شكلية فقط أمام الرأي العام وأمام المجتمع الدولي للقول بأن السعودية نجحت في تنفيذ اتفاق الرياض بشقه العسكري والأمني، ولكن في الحقيقة أن ما حدث هو عرض سعودي قدمته عبر سفيرها محمد آل جابر وقائد قواتها في اليمن اللواء يوسف الشهراني لعيدروس الزبيدي يقضي بقبول الانتقالي دمج قواته (امنية وعسكرية) ضمن قوات الدفاع والداخلية التابعة لحكومة العليمي، مقابل منح الانتقالي المنطقة العسكرية الرابعة، وهذا يعني تمكين الانتقالي من السيطرة العسكرية والأمنية على أربع محافظات هي لحج والضالع وعدن وأبين.

– بمقابل حصول الانتقالي على السيطرة الأمنية والعسكرية بهذه المحافظات، يبقى المجلس المدعوم إماراتياً مقيداً بالقرار السياسي والذي منحته السعودية للعليمي عبر مجلس القيادة الرئاسي، مما يعني أن للعليمي والمؤتمر القرار السياسي والاعتراف الدولي، وللانتقالي السيطرة على الأرض عسكرياً وأمنياً.

– بقي فرج البحسني في حضرموت والمهرة، وهذا يعتبر بالنسبة للسعودية خارج تدخل مجلس العليمي، ولعل ما وقع من خلاف بين العليمي والبحسني قبل أيام أدت لمغادرة البحسني لعدن وعودته إلى حضرموت ورفضه العودة لعدن بصفته نائباً للعليمي أكبر دليل على عدم قدرة العليمي فرض نفسه كرئيس على البحسني، الأهم من ذلك هو أن العليمي يعلم جيداً أن السعودية هي من ترغب ببقاء البحسني وبقاء حضرموت والمهرة وربما شبوة أيضاً مناطق خارج شؤون وتدخلات واختصاصات مجلس العليمي الرئاسي، كما أن البحسني أيضاً يعتبر نفسه معنياً بما يأتيه سعودياً أو أمريكياً وبما تقرره الرياض لا بما يقرره العليمي في عدن، وفرض السعودية لهذا الواقع في المناطق الشرقية ليس من اليوم، بل منذ عهد عبدربه منصور هادي والإصلاح، فهادي لم يستطع إقالة البحسني لا من منصبه كمحافظ لحضرموت ولا من منصبه الأهم كقائد للمنطقة العسكرية الثانية والسبب في ذلك هو أن بقاء البحسني في حضرموت ليس فقط رغبة سعودية وإماراتية بل رغبة أمريكية أيضاً، وهنا يجدر التذكير بأن السعودية لا تزال تضع نصب عينيها ضم المناطق الشرقية لليمن إليها امتداداً لطموحها القديم بضم هذه المناطق (حضرموت والمهرة) إليها جغرافياً.

الخلاصة:

الخارطة التي تتشكل حالياً هي كالتالي: العليمي والمؤتمر يملك القرار السياسي والاعتراف الدولي ولا يملك القوة على الأرض، والانتقالي يملك القوة على الأرض ولا يملك الاعتراف الدولي أو القرار السياسي، هذا بالنسبة للجزء الغربي من جنوب اليمن، أما شرقاً فلا الانتقالي ولا العليمي لهما حق التدخل بما تقرره السعودية بشأن حضرموت والمهرة، بهكذا وضع تضمن السعودية بقاء سيطرتها على الجميع خلال المرحلة المقبلة التي يتوقع البعض أنها قد تستمر لسنوات، فتارة تحرك الانتقالي ضد العليمي وتارة العكس، أما شرقاً فستلعب الرياض بأوراقها هناك لمناورة الإمارات التي تتنافس معها في النفوذ وتقاسم السيطرة جنوب اليمن.

قد يعجبك ايضا