مفاوضات البنادق في جيزان ورقة إضافية لصنعاء في مفاوضات مسقط

زكريا الشرعبي – وما يسطرون – المساء برس|

مع توقف مفاوضات مسقط بين صنعاء وواشنطن التي يمثلها المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ، في مكانها، حيث تصر الأخيرة على تجزئة المعركة في اليمن، بطرحها إيقاف عملية السيطرة على مأرب، مقابل التخفيف من الحصار، ودون أن تقوم السعودية بإيقاف الحرب، استأنفت صنعاء عملياتها العسكرية في العمق السعودي بجيزان، كورقة إضافية على طاولة المفاوضات، ورسالة عملية باستمرارية المعركة ليس فقط داخل الجغرافيا اليمنية، وإنما حتى في العمق السعودي، طالما استمر “العدوان والحصار”.

تدرك واشنطن أن خياراتها في اليمن محدودة جداً، وأن السعودية باتت خائرة القوى، وتواجه بجسد ممزق ضربات متتالية، كما تدرك أن أكثر الضربات التي توجع السعودية هي تلك التي تتلقاها في حدودها الرخوة في المعارك البرية، والتي تظهر أن جيشها “نمر من ورق” أو أسوأ من ذلك، ويمكن هنا كشف حقيقة أن السعودية لا تخشى فقط العمليات التي تنفذها صنعاء في الحدود، بل تخشى حتى المشاهد التي يبثها الإعلام الحربي، ومنذ عام قدمت السعودية تنازلات كبيرة لصنعاء، مقابل ألا يتم بث مشاهد توثق عملية عسكرية في الحدود سقط فيها عشرات القتلى والأسرى من الجنود السعوديين، كذلك لم تجد السعودية من خيار أمام ما تم بثه خلال اليومين الماضيين سوى اللجوء إلى وصف المشاهد بالمفبركة، ومحاولات تهكير موقع الإعلام الحربي على الويب.

لقد أتت عملية جيزان والمشاهد التي توثقها لتذكير السعودية ومن خلفها واشنطن، أن تحالفهما في الموقف الأضعف، فما شاهدناه لم يكن قتالاً، بل جيشاً يمتلك مختلف أنواع القوة يفر، بل ويرمي بعض جنوده بأنفسهم من المرتفعات الشاهقة، أمام كر مقاتلين لا يحملون سوى الكلاشنكوف وقنابل يدوية، إضافة إلى أن المعركة لم تعد في الخطوط الأمامية التي وضعت فيها السعودية قواتاً مستأجرة يمنية وسودانية، بعد وصمة الفشل التي لحقت بجيشها خلال الأعوام الأولى من الحرب.

وعليه فإنه لا مجال للمناورة مع صنعاء، ولا يمكن استخدام الحصار سلاحاً في التجويع، كما لا يمكن المقايضة بين الملف الإنساني ومعركة التحرير في أي جغرافيا يمنية، وهذا ما أبلغ به أنصار الله المبعوث الأممي مارتن غريفث، وأي حراك دبلوماسي لا يدور حول إيقاف شامل للحرب ورفع للحصار، ليس في نظر صنعاء سوى هدراً للوقت، وهناك خيارات كثيرة لفرض السلام لوحت بها صنعاء وأكدت أن عملية استهداف بقيق وخريص في سبتمبر 2019م ستكون صغيرة جداً إذا ما بدأت مرحلة “الوجع الكبير”.

حساب الكاتب على تويتر: https://twitter.com/zakaria_sharabi

قد يعجبك ايضا