الدكتور الراحل “الكامل” له من اسمه نصيب

أ.د. عبدالله أبوالغيث – وما يسطرون – المساء برس|

قرأت في بعض المواقع الإخبارية كلاما لا أساس له ولا أصل، يصف أستاذ التاريخ الإسلامي في قسم التاريخ والعلاقات الدولية بجامعة صنعاء الأستاذ الدكتور محمد أحمد الكامل يرحمه الله (وهو ينقل خبر وفاته) أنه كان مؤدلجا ويمارس التسييس في عمله خدمة لطرف سياسي محدد يهيمن على الأمور في صنعاء.

وشهادة لله أسجلها هنا من خلال مزاملتي له في قسم التاريخ (منذ أن تعين معيدا في القسم، وكنت قد سبقته بالتعين في ذلك الموقع كوني من دفعة سابقة له وحتى وفاته) لم أجده إلا إنسانا منصفا ومتزنا وتتقدم لديه مصلحة الوطن على أي انتماء آخر.

قد يغضب أو ينفعل في موقف ما، لكنه سرعان ما يراجع نفسه ويندم على موقفه ويسارع بالاعتذار بكل بساطة ودون أي كبر أو تعنت.

وسيرته تعد رمزا للكفاح الشخصي، فرغم أنه كان يعمل جنديا في صفوف القوات المسلحة في بداية شبابه إلا أن ذلك لم يمنعه من الالتحاق بالدراسة الجامعية، حيث تصدر دفعته وحصل على المرتبة الأولى بين صفوفها، ما جعله ينهي خدمته في القوات المسلحة وينتقل للعمل معيدا في القسم.

وبعد تخصصه في التاريخ الإسلامي وحصوله على الدكتوراه فيه وترقيه إلى أن حصل على درجة الأستاذية كان واحدا من أعلام ذلك التاريخ، وكانت المصداقية والمنهجية سلوكا مميزا له، ويشهد له بذلك كل زملائه وطلابه.

وبعد أن تعين رئيسا لقسم التاريخ قبل سبع سنوات واستمراره في موقعه إلى أن توفاه الله يوم الأحد 11 أبريل 2021 كان قسم التاريخ في ظل رئاسته وبشهادة الجميع من بين الأقسام التي حافظت على العمل التكاملي الذي يحترم فيه الجميع.

فالأستاذ الدكتور محمد الكامل شخص لا يعرف التعصبات، بغض النظر كانت سياسية أو مذهبية أو قبلية.. إلخ، وكان يتصرف بصفته مواطنا يمنيا قبل أي شيء آخر، ويتعامل باحترام مع الجميع بغض النظر اتفق أو اختلف معهم.

وقد ختم حياته يرحمه الله بقيادة مسيرة البرنامج التدريسي الجديد لقسم التاريخ بعد إضافة تخصص العلاقات الدولية إلى القسم، وكان له دور بارز في إنجاز ذلك البرنامج وحل كل العراقيل التي اعترضت عملية إنجازه من منطلق لا ضرر ولا ضرار.

ولو كان الدكتور الكامل من الذين يتاجرون بمبادئهم ومواقفهم لكان ضمن لنفسه حياة مترفه ولم يمت وهو يعاني قهر انقطاع المرتبات ويصارع من أجل لقمة العيش في حدها الأدنى، مثله مثل غيره من الأكاديميين في الجامعات التي قطعت مرتباتهم فيها وليس لهم دخل آخر يقتاتون منه.

ختاما أدعو المواقع الإخبارية إلى أن تستقي معلوماتها من مصادرها الصحيحة وأن لا تذهب للتهبيش والتزييف وإيراد معلومات لا أساس لها من الصحة، وتسيئ لأناس يستحقون أن تعمل على تمجيدهم وتخليدهم كأبطال في مواجهة الواقع الأليم الذي تمر به اليمن في مرحلتها الراهنة.

وسلاما عليك زميلي العزيز حيا وميتا ويوم تبعث حيا، وخالص العزاء لجميع أفراد أسرتك الصغيرة وأسرتك التاريخية ولكل محبيك.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

قد يعجبك ايضا