هل يضع ترامب الحوثيين على قائمة الارهاب..؟

صلاح السقلدي – وما يسطرون – المساء برس|

تعويل المملكة العربية السعودية و الحكومة اليمنية الموالية لها على قرار يمكن أن يصدره الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) بإدراج الحركة الحوثية (أنصار الله) في قائمة الإرهاب الأمريكية هو تعويل اليائس الذي أضحى يتمنّــى النصر ولو من بين ثنايا سطور بتغريدة تويترية تأتيه من خلف المحيطات. فما عجزَتْ عن تحقيقه طائرات الـــ F 16 والبوارج والأموال الطائلة والقرارات الأممية والدعم السياسي الدولي والاستقطاب الداخلي للقوى بالداخل اليمني وضخ المال السعودي لحسم الحرب باليمن لمصلحة السعودية وحلفائها المحليين، وفي ظل مشاركة أمريكية عسكرية لوجستية وعملياتية واستخباراتية بهذه الحرب طيلة قرابة سبعة أعوام  يستحيل أن يحققه قرار بتغريدية لرئيس يُــمر في الهزيع الأخير من ليل حكمه المثير للجدل. فترامب وإدارته الجمهورية لم يُــدّخر جهدا بدعم ومساندة المملكة العربية السعودية بهذه الحرب عسكرياً وسياسياً وإن لم يكن هذا الدعم الأمريكي لوجه المملكة ولخاطر عيونها بل لخاطر نفطها ولوجه المصلحة الأمريكية التي تقتضي ذلك، فقد عمل ترامب كلما بوسعه لدعم السعودية ولإطالة هذه الحرب باعتبارها – من منظور رجُــل الأعمال الجشع “ترامب” وإدارته – منبعا متدفقا للمال الخليجي يصب في الخزانة الأمريكية بغزارة، وقد رأينا كيف أن ترامب قد استخدم في منتصف نسيان  ابريل 2019م حق الفيتو الرئاسي لنقض قرار كان قد أصدره الكونجرس يقضي بوقف المشاركة الأمريكية بحرب اليمن، ومع ذلك ظل الوضع العسكري بالنسبة للسعودية والحكومة الموالية لها يراوح مكانه من الاخفاق والخيبة.

– وحتى لو أصــدَرَ ترامب مثل هكذا قرار، فهو لن يفيد السعودية والحكومة اليمنية الموالية لها بشيءٍ، ليس لأنه هذا القرار وليد الربع ساعة الأخيرة من حكم ترامب وسيكون غير ذي جدوى بمجرد خروجه من البيت البيضاوي بعد شهرين من اليوم، ولا لأن الرئيس الأمريكي القادم (جو بايدن) سيعمل على وقف مشاركة بلاده بهذه الحرب والضغط على السعودية لوقفها – هكذا يحدثنا موقفه من هذه الحرب طيلة حملته الانتخابية وما قبلها – وسيكون قرارا ترامب بالتالي ملغيا تلقائيا، ولا كذلك لأن هذا القرار- في حالة صدوره – لن يأتي مطابقاً للتوصيف السعودية للحركة الحوثية بأنها حركة انقلابية وسيأتي أصلاً على خلفية الصراع الأمريكي الإيراني بالمنطقة ومحاولة واشنطن التضييق على حلفاء طهران، بل لأن هكذا قرار لن يضر هذه الحركة بشيء – أو في اسوأ الأحوال سيكون محدود التأثير والفاعلية – فهي أصلاً لا ترتبط بمصالح مالية بالبنوك الأمريكية والغربية يمكن مصادرتها ولا بمصالح مشتركة مباشرة بالمصالح الأمريكية يمكن أن تكون عامل ضغط أمريكي عليها، فهي حركة تعتمد ببساطة على مصادر محلية شحيحة وتستأثر بدعم شعبي كبير – في شمال البلاد تحديدا -وتحركات قياداتها محدودة للغاية خارجيا يصعب ملاحقتهم. ثم أن أي تصنيف أمريكي لهذه الحركة بحركة إرهابية لن يشكل عائقا أمامها  في أي تنسيق وتواصل وحوار في قادم الأيام سواءً كان داخليا أو حتى مع السعودية التي تتوق منذ شهور لإبرام تسوية مع هذه الحركة بعد أن ضاقت السُــبل في وجه الرياض، فالمصالح الدولية هي من تقرر. فها هي الولايات المتحدة الأمريكية التي صنّــفت ذات يوم حركة طالبان بحركة إرهابية ظلت سنوات من ذلك الحين تنشد وِدّها وتستجديها  للجلوس على طاولة حوار واحدة, وهو ما يتم اليوم برعاية قطرية في الدوحة، وها هي السعودية تسعى لتقديم إغراءات للحركة الحوثية من أجل الانخراط بتسوية سياسية ووقف الحرب والقبول بالمبادرة الأممية المسماة بالبيان المشترك التي هندستها الرياض مع المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن جريفت. فأي قرار أمريكي يصنف الحركة الحوثين بحركة إرهابية سيفاقم من صعوبة عمل المنظمات الإغاثة باليمن، خصوصا بمناطق سيطرة حكومة صنعاء. كما سيعني بالضرورة أن أي حوار سعودي معها كأنه حوار مع حركة إرهابية – على الأقل من وجهة النظر الأمريكية. وستظهر المملكة بأنها تحاور جماعة ارهابية اسمها حركة الحوثيين مثلما تدعم جماعة إرهابية اسمها حركة الإخوان المسلمين وهي تصنفها بالإرهابية، وبالتالي تكون المملكة وفقا لهذا التخبط داعمة للإرهاب وفقا لمنطقها ومنطق حلفها الرئيس “الولايات المتحدة الأمريكية” وستكون عرضة للمحاسبة وفقا للقانون الأمريكي وفرصة مواتية لخصوم السعودية بالكونجرس لتثبيت تهمة الإرهاب بوجهها، وربما يقود هذا الى تفعيل قانون جاستا.

وها هي السعودية ذاتها التي صنّــفت حركة الإخوان المسلمين الدولية بحركة إرهابية أكثر من مرة – كان آخرها قبل أيام – تحتضن في فنادق عاصمتها (الرياض) الوثيرة منذ سنوات قيادات ورموز الحركة الإخوانية فرع اليمن (حزب التجمع اليمني للإصلاح)، بل وتدعمها بشدة ماليا وسياسيا وعسكريا وإعلاميا مفضلتها عن سواها من شركائها الآخرين الأكثر إخلاصا للمملكة كـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”، في حالة لا تدعو للغرابة فقط بل للسخرية والإزداء من هذا التخبط والتناقض الذي يتملّــك صاحب القرار السعودي في اليمن والساحة الدولية.

ملاحظة: المصطلحات والآراء الواردة في مقالات الكتاب لا تعبر بالضرورة عن السياسة التحريرية للموقع.

 

قد يعجبك ايضا