تعز على صفيح ساخن.. الإصلاح يرتدي البزة العسكرية لمواجهة نبيل شمسان “تقرير”

    تعز – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|

لا يبدو أن قادم الأيام في محافظة تعز ستكون معها الأوضاع في المحافظة هادئة، فجميع المؤشرات تقود إلى أن كل طرف يكشر عن أنيابه ويشمر ساعديه لمواجهة قد تتحول إلى صراع مسلح جديد بين الإصلاح باسم “الشرعية” من جهة وقوات اللواء 35 مدرع وكتائب “أبو العباس” من جهة ثانية، وإلى جانبهم المحافظ نبيل شمسان وبضوء أخضر من الخارج.

هذه المرة سيصاحب الصراع في تعز وقوف التحالف السعودي الإماراتي إلى جانب خصوم الإصلاح، ذلك ما يبدو من خلال الهجوم الإعلامي السعودي على حزب الإصلاح في تعز واتهامه بزعزعة الاستقرار في المحافظة منذ سيطرته عليها وكذا اعتبار قناة “الحدث” السعودية أن المكون العسكري الذي يتبع حكومة “الشرعية” في تعز هو اللواء 35 مدرع فقط وأن باقي القوات هي تابعة لحزب الإصلاح.

بداية عودة التوتر في تعز

التوترات في تعز عادت مجدداً منذ أن أنشأ حزب الإصلاح معسكراً جديداً لمقاتليه على أطراف قضاء الحجرية – الريف الغربي الجنوبي لتعز – والذي يخضع عسكرياً لسيطرة اللواء 35 مدرع الذي اغتيل قائده عدنان الحمادي مطلع ديسمبر العام الماضي على أيدي حزب الإصلاح حسب ما كشفته التحقيقات الأولية التي أجراها اللواء وما تلاها من تحقيق للجنة الرئاسية التي شكلها هادي من الرياض، وهي التحقيقات التي طويت صفحتها وأخفيت بعد تسرب أنباء تورط حزب الإصلاح.

أعقب ذلك عودة محافظ تعز المعين من قبل التحالف نبيل شمسان إلى المحافظة وسط توترات شديدة بين الإصلاح من جهة وخصومه الذين يعد شمسان أحدهم من جهة ثانية، إذ لم يرق للإصلاح عودة نبيل شمسان المحسوب على تيار حزب المؤتمر الموالي للتحالف والمدعوم من الإمارات، وهو ما يضع شمسان في خانة خصوم الإخوان بتعز.

أجندات نبيل شمسان بتعز

ويدرك الإصلاح إن نبيل شمسان عاد إلى تعز ويحمل معه ملفاً على رأس أجندته إبعاد الإصلاح عن الحجرية أولاً، وثانياً: تقليص نفوذ الحزب على مؤسسات “الشرعية” العسكرية والأمنية والمدنية في مدينة تعز – الحاضنة البشرية لقواعد الإصلاح ومقاتليه -، وبناءً على ذلك فإن نشوب الصراع بين شمسان والإصلاح كان احتمالاً أكيداً منذ البداية وهو ما ثبت حقيقة خلال الأيام القليلة الماضية.

الإصلاح يستقبل شمسان برصاصتين

نبيل شمسان تعرض لمحاولتي اغتيال منذ عودته إلى مدينة تعز مطلع الأسبوع الماضي الأولى كانت الأولى في اليوم الأول لعودة حيث تعرض موكبه لإطلاق نار بعد إلقائه خطاباً في مؤتمر محور تعز السنوي، أما محاولة الاغتيال الثانية فكانت مساء اليوم الأحد، حيث قالت مصادر مقربة من المحافظ – وفق ما نقلت وسائل إعلام موالية للإمارات – إن أحد أفراد حراسة نبيل شمسان اصيب بطلق ناري في الرأس بعد عودة المحافظ من المدينة ووصوله مقر إقامته بمقر المحافظة المؤقت على الفور.

تعيين شمسان لم يغير من طبيعة المشهد العسكري بتعز

نهاية العام 2018 عين الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي، نبيل شمسان محافظاً لتعز، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الأسبوع الماضي ظل شمسان بعيداً عن تعز ولم تطأ قدماه المحافظة بسبب رفض الإصلاح له، هذا الرفض صاحبه تمرد قيادات عسكرية وأمنية في تعز تابعة للإصلاح على قرارات نبيل شمسان، وحتى اليوم لا تزال تعز منقسمة من حيث السيطرة بين حزب الإصلاح وتيار اليسار الموالي نسبياً للإمارات ممثلاً بكتائب “أبو العباس” واللواء 35 مدرع المنتشر في مديريات قضاء الحجرية بالإضافة إلى سيطرة قوات طارق صالح على المديريات الساحلية لتعز على رأسها المخا وما تلاها من مناطق حتى باب المندب، أما بقية المديريات وعددها 7 لا تزال تحت إدارة سلطات صنعاء وباتت هذه المديريات خاصة منطقة الحوبان مركزاً لتجمع سكاني كبير جداً من أبناء تعز الهاربين من مناطق سيطرة الشرعية والتحالف في تعز بسبب ما تشهده من انفلات أمني مريع وصراع مسلح مستمر وغياب لمؤسسات الشرعية الرسمية.

تهديد بمصير “الحمادي”

محاولة اغتيال شمسان الأخيرة – إن صحت – يمكن اعتبارها أنها مجرد تهديد من قبل الإصلاح، فإصابة أحد حراسة شمسان بعد التأكد من أن الأخير قد دخل مقر إقامته كان بإمكان المنفذين أن يقومو بالعملية قبل وصول المحافظ بل إن الإصلاح كان بإمكانه استهداف شمسان داخل مدينة تعز الخاضعة لسيطرته أمنياً وعسكرياً، غير أن الواضح هو أن الإصلاح أراد فقط إرسال رسالة لنبيل شمسان بأن استمرار وقوفه في وجه رغبة الحزب ومخططه سيقود إلى اغتياله وملاقاته المصير ذاته الذي لقيه الحمادي.

الاجتماع الأخير.. شمسان و”سالم” وفاضل على طاولة واحدة

قبل رسالة التهديد الأخيرة التي وجهها الإصلاح لنبيل شمسان مساء اليوم، كان قادة الإصلاح العسكريين في اجتماع ضم نبيل شمسان أيضاً، غير أن الاجتماع الذي حضره عبده فرحان الملقب بـ”سالم” القائد العسكري للإصلاح غير التابع للشرعية والذي ظهر مرتدياً بدلة عسكرية على الرغم من عدم وجود صفة رسمية له كي يشارك في هذا الاجتماع العسكري الحكومي، هذا الاجتماع لم يخرج بنتيجة.

حيث حاول الإصلاح تمرير قرار تشكيل حملة أمنية للانتشار في مديريات الحجرية، وعلى الرغم من أن وسائل إعلام الإصلاح الرسمية والموالية نشرت في وسائلها أن الاجتماع خرج بقرار تشكيل اللجنة، إلا أن ناشطون كشفوا أن المحافظ رفض تشكيل الحملة الأمنية، ونقل الناشطون أيضاً أن شمسان قال إن تعز لا تحتمل حالياً نشر قوات محسوبة على الإصلاح خاصة في الحجرية التي لا تزال تطالب بكشف قتلة الحمادي.

علي محسن يمهل شمسان أسبوعاً

وفقاً لمعلومات أفادت بها مصادر صحفية لـ”المساء برس” فإن نبيل شمسان سبق أن تلقى تحذيراً من التحالف السعودي الذي طالب شمسان برفع مستوى حمايته الشخصية وأن معلومات استخبارية تفيد بأنه معرض للتصفية الجسدية من قبل حزب الإصلاح، بالتزامن مع ذلك تلقى شمسان تهديداً من قبل نائب الرئيس هادي، علي محسن الأحمر بسبب ما قاله شمسان أثناء كلمته في مؤتمر محور تعز والتي أبدى فيها رفضه لما وصفها بـ”التجاوزات والاعتداءات بحق الممتلكات العامة والخاصة وتبريرها بظروف الحرب” في إشارة إلى ممارسات الإصلاح والقوات العسكرية التابعة للشرعية الموالية له ضد المواطنين وممتلكاتهم ومنها على سبيل المثال تصفيات جسدية طالت عدداً من المواطنين قيدت معظمها بأنها كانت عن طريق الخطأ أو هروب المنفذين.

وفقاً للمصادر أيضاً فإن علي محسن الأحمر قدم لنبيل شمسان قائمة بعدة مطالب على شمسان تنفيذها خلال مدة أسبوع، كان هذا الأسبوع عبارة عن مهلة، وبعد انتهاء المهلة بدون تنفيذ المطالب قرر الإخوان إيصال رسالة تحذيرية ثانية تمثلت بإطلاق النار على أحد مرافقيه أمام مقر إقامته مساء اليوم، أما المطالب فكانت قبول شمسان بتعيين شخصية عسكرية جديدة بديلاً عن عدنان الحمادي لقيادة اللواء 35 مدرع، هذه الشخصية يرشحها محور تعز العسكري الذي يقوده خالد فاضل أحد قيادات الإصلاح العسكرية، بالإضافة إلى ذلك طالب الأحمر من شمسان إغلاق ملف مقتل أحد مرافقيه في مدينة التربة مطلع اكتوبر العام الماضي من قبل مجندين إصلاحيين يتبعون محور تعز العسكري.

شمسان لم يكن يجرؤ على مواجهة الإصلاح.. لماذا الآن؟

الواضح أن التحالف السعودي الإماراتي قرر مواجهة الإصلاح في تعز وقرر أيضاً اختيار نبيل شمسان رأس حربة لمواجهة الإصلاح وذلك يتضح من خلال موعد عودة شمسان إلى تعز والذي صاحبه شن الإعلام السعودي وعلى رأسه قناة “الحدث” هجوماً لاذعاً على حزب الإصلاح في تعز وانتقاد أداءه في إطارة المحافظة خلال السنوات الماضية، وهو ما كان مؤشراً واضحاً على أن السعودية قررت الاصطفاف إلى جانب الإمارات لمواجهة الإصلاح في تعز وطي صفحته هناك.

شمسان الذي بقي لمدة عام كامل خارج محافظة تعز في الوقت الذي كان يفترض فيه أن يتواجد داخل المحافظة لممارسة مهامه خصوصاً وأن معظم المحافظة بما فيها المدينة الرئيسية خاضعة لسيطرة “الشرعية”، قرر فجأة العودة إلى تعز رغم أن موازين القوى لم تتغير في المحافظة بما يسمح بعودته قوياً وصاحب قرار، والحقيقة أن شمسان لم يكن ليجرؤ على العودة إلى تعز ومواجهة الإصلاح لولا تأكده بأنه بات مسنوداً إلى ظهر التحالف العسكري الأجنبي بشقيه السعودي والإماراتي، ذلك يعني أن شمسان يعمل تحت قيادة مباشرة من التحالف السعودي الإماراتي وليس تحت قيادة “الشرعية”.

قد يعجبك ايضا