الملك المغربي والزعيم الليبي وإسرائيل والعرب

    أحمد عارف الكمالي – وما يسطرون – المساء برس|

عندما توفي الملك المغربي “الحسن الثاني” في عام 1999، نعته حكومة الكيان الصهيوني ووصفت وقع خبر وفاته “بالصدمة التي أصابت إسرائيل حكومة وشعبا برحيل الرجل الذي أظهر طوال حياته شجاعة نادرة وحكمة سياسية جعلت منه رائدآ في التقارب مع إسرائيل، والذي أصبح صديق إسرائيل كما كان حبيب يهود المغرب ”
وتتالت بيانات النعي ودموع العزاء من المنظمات الصهيونية واليهودية، وغطت إعترافات الشكر والعرفان صفحات الصحافة الإسرائيلة بحق نظام “الحسن الثاني ” الذي كان نافذة إسرائيل إلى العالم العربي، وحامي اليهود ومسهل هجراتهم من المغرب إلى أرض الميعاد و صديق الموساد الودود، والرجل الذي لعب دور معلوماتي واستخباراتي مهم لصالح إسرائيل في حرب 67، وعراب كامب ديفيد………!!

بينما كان الإعلام العربي يبكي “الحسن الثاني” أيضا، رائد التعايش في المغرب وطارد الاستعمار ! وصاحب المواقف الحكيمة ورئيس لجنة ” القدس” !
والملك الذي يتصف بالعقل والحكمة ويقود مساعي الخير بين الدول الشقيقة……..، إلى آخر الاسطوانة المشروخة !

وعندما قتل الرئيس الليبي “معمر القذافي على أيدي الجماعات الإرهابية التي سيطرت على ليبيا بدعم عسكري من قوات حلف “النيتو” في عام 2011، أعتبرت إسرائيل ” رحيل الزعيم الليبي لايدعو للأسف لأنه كان يدعم العمليات الإرهابية بجميع أنحاء العالم بما فيها عمليات ضد أهداف إسرائيلية ”
ووصفت الصحافة الإسرائيلة رحيل القذافي، الذي قاوم بكل قوة توسعات إسرائيل في إفريقيا وبرحيله أصبحت القارة السمراء مفتوحه أمامها دون أي إزعاج برحيل الطاغية والمجرم في ثورة (المعركة من أجل الحرية) بحسب توصيف رئيس إسرائيل حينها شيمون بيريز، الذي قال “لو كنت ليبيا، لثرت ضد القذافي” !!

في المقابل كان العالم العربي يحتفل برحيل الطاغية والرجل المتهور والديكتاتوري والمصاب بالهلوسة والجنون …إلخ!!

لم يكن القذافي ذلك المجنون في وسط عالم افلاطوني يحتكم للعقل والمرافعات الفلسفية، لدرجة تجعلك لو سألت اليوم في أغلب المجتمعات العربية، عن انطباعهم عن القذافي، لكانت إجابة العامل والطالب وإمام الجامع والدكتور الجامعي والمثقف بربطة العنق شبه متقاربة وواحدة إلا مارحم ربي، وسيحدثونك بثقة عن ذلك الرجل المجنون وقصصه السخيفة ومقترحاته اللاعقلانية، تجعلك تشك وكأنهم يتحدثون عن زميل لهم أو متسكع يعيش في وسط أحيائهم !

ولم تكن الخيانات والمؤامرات التي كان “الحسن الثاني” عرابها لصالح الكيان الصهيوني، هينة إلى درجة تبرر أن لا يقف أمامها أي عربي ولو بنظرة إزدراء أو تأمل، مع أنها غيرت وجه المنطقة والصراع وأصابت كبرياء الأمة في مقتل وجسدها بجراح لاتندمل، ومع هذا لا تكاد تذكر !

لقد رحل القذافي بكل تصرفاته وحركاته اللامعقولة ، ورحل قبله “الحسن الثاني” بكل مواقفة الحكيمة إلى جوار ربهما، ولاداعي اليوم، لتوزيع الأوسمة أو نصب المقاصل على أي منهما !
ولكن وأمتنا العربية تعيش في حالة من الصراعات والحرب التي لا يجب أن نخاف منها، بقدر ما يكون خوفنا على أن تنتهي هذة الهجمة الشرسة على أمتنا وأوطاننا ومقدساتنا وهويتنا ووجدنا، وننسى كل شيء ولايبقى في ذاكرتنا غير شعارات طائفية ومناطقية قابلة للإشعال في أي عصر قادم، وذكريات ممزوجة من الحسرة والنشوة، لاتصنع نصر وحضارة بحجم أوجاع التاريخ التي مرت علينا، وإنما تضيف فصول جديدة إلى حكايات تبدأ مقدمتها ب”كنا وصنعنا وحققنا إلى أن تنتهي بضاع كل شيء !”.

فالتاريخ كان فيه مايكفي للتعلم قبل أن تشتعل كل هذة الحروب والصراعات، ولكننا لم نطلع عليه ولم نتعلم !

قد يعجبك ايضا