تطورات بشأن المفاوضات غير المعلنة بين صنعاء والرياض

    صنعاء – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|

فيما يبدو يشهد ملف المفاوضات غير المعلنة بين صنعاء والرياض بشكل مباشر تطورات غير إيجابية تتعلق بالأوراق التي تساوم بها السعودية سلطات صنعاء في مفاوضاتها لسحب تنازلات من صنعاء بعد الضغط عليها بالتلويح بهذه الأوراق التي وصفها وفد صنعاء المفاوض بالأوراق الإنسانية المتعلقة بالشعب برمته وليست بأنصار الله أو سلطة صنعاء بمفردها.

بدفع من الولايات المتحدة الأمريكية، تفاوض الرياض حالياً صنعاء على ملفات إنسانية بحتة، بعد أن عجزت عن تحقيق تقدم في الملفين السياسي والعسكري وهما الملفان اللذان تم تشكيل لجنتين سياسية وعسكرية من قبل الطرفين ويتصلان بشكل مباشر أثناء جلسات التفاوض عبر دوائر تلفزيونية، غير أن حالة عدم التقدم في الملفين العسكري والسياسي عكستها الرياض على الملفات الإنسانية لإقحامها في هذه المفاوضات غير المعلنة وبدء طرحها على طاولة المفاوضات مع سلطات صنعاء وهو ما ترفضه الأخيرة لكونها ملفات إنسانية تخص عامة الشعب اليمني لا يجب إقحامها في المفاوضات السياسية والعسكرية والاستناد عليها لانتزاع مكاسب سياسية على طاولة التفاوض.

وعلى الرغم من أن قيادات سلطة صنعاء وأعضاء وفدها الرسمي للمفاوضات يمتنعون عن التصريح أو الكشف عن أي معلومات تتعلق بالمفاوضات غير المعلنة مع الرياض، إلا أن هناك تصريحاً فيه من التلميح الكثير بشأن استخدام السعودية ملفات إنسانية وتفاوض صنعاء بشأنها باعتبارها ملفات سياسية، وهذا ما يمكن استنباطه من تصريح لعضو وفد صنعاء المفاوض عبدالملك العجري.

العجري قال في منشور على صفحته بالفيس بوك، رصده “المساء برس” إن استخدام الحصار وتعمّد تجويع المدنيين وعرقلة إمدادات الإغاثة كأسلوب من أساليب الحرب يعد جريمة حرب وانتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني، فإن استخدام ذات الملفات أثناء أي تفاهمات كأداة للمقايضة والضغط لتحقيق مكاسب سياسية هو أيضاً جريمة حرب وانتهاك للقانون الدولي والإنساني.
وأضاف العجري في منشوره “المسألة الإنسانية تحكمها اتفاقيات جنيف ونظام روما ولا يجوز أن تكون مادة للمقايضة والضغط في أي تفاهمات بهدف الحصول على مكاسب سياسية”.

المفاوضات في الجانب العسكري تتعرقل

لجوء الرياض لاستخدام ورقة الملفات الإنسانية كالحصار وتعمّد التجويع وعرقلة وصول إمدادات الغذاء والدواء والمشتقات النفطية ورفض إحراز أي تقدم بشأن عمليات تبادل الأسرى والإفراج عنهم، يشير إلى أنها عجزت عن تحقيق أي تقدم بشأن مفاوضاتها بالشق العسكري ولم تستطع ثني مفاوضي صنعاء العسكريين حسب رغباتها وانتزاع منهم موافقات تتعلق بهذا الجانب.

ما يؤكد فشل المفاوضات في الجانب العسكري بين صنعاء والرياض هو عودة التصعيد العسكري السعودي من جديد خاصة فيما يتعلق بالغارات الجوية التي تشنها مقاتلات التحالف على مناطق متفرقة في اليمن معظمها في المحافظات الشمالية الحدودية مع السعودية.

وعلى سبيل المثال أعلن اليوم العميد يحيى سريع المتحدث باسم وزارة الدفاع اليمنية في صنعاء أن التحالف شن أكثر من 150 غارة جوية على محافظتي صعدة وحجة خلال الـ48 ساعة الماضية، مشيراً إلى وجود تصعيد بري مستمر في الجبهات الحدودية ومناطق أخرى.

ورغم أن سريع أكد أن هذا التصعيد لم يحقق منه التحالف أي تقدم على أرض الميدان العسكري، إلا أن تزايد وتيرة العمليات العسكرية مؤخراً يؤكد أن المفاوضات على الشق العسكري بين صنعاء والرياض تعثرت، وذلك يزيد من تأكيد صحة المعلومات التي سبق ونشرها “المساء برس” نقلاً عن رئيس تحرير صحيفة “الوسط” جمال عامر والمطلع على بعض تفاصيل المفاوضات غير المعلنة بين الطرفين، والذي كشف عن أن الرياض ترجت المفاوضين العسكريين عن صنعاء عدم الكشف عن آخر عملية عسكرية برية نفذتها قوات صنعاء داخل العمق السعودي والتي أدت إلى قطع الطريق الرابط بين عسير ونجران، وكشف أن صنعاء استجابت للطلب السعودي، وحتى اللحظة لم تعلن وزارة الدفاع تفاصيل هذه العملية رغم تأكيد مصدر عسكري رفيع للصحفي جمال عامر وجود ما يوثق هذه العملية ونجاحها بالصوت والصورة.

اقرأ أكثر بهذا الشأن “الجيش اليمني يتوغل بالسعودية ويقطع الطريق الرابط بين نجران وعسير والرياض تتوسل صنعاء عدم الكشف
https://gifted-wozniak.173-212-227-29.plesk.page/2019/10/26/%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%8a%d8%b4-%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%85%d9%86%d9%8a-%d9%8a%d8%aa%d9%88%d8%ba%d9%84-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%b9%d9%88%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d9%8a%d9%82%d8%b7%d8%b9-%d8%a7%d9%84/

وفق مراقبين فقد كان من الواضح أن الرياض لا تفاوض صنعاء لوقف الحرب فعلياً وإنما لتهدئة القوات اليمنية بشكل مؤقت ولضمان عدم استمرار استهداف المملكة، حيث تحاول الرياض إيهام صنعاء أنها أخذت مبادرتها التي أعلنها رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط عشية ذكرى الحادي والعشرين من سبتمبر الماضي في كلمة متلفزة قرر فيها وقف الهجمات على السعودية بأي شكل من الأشكال من جانب واحد وأن صنعاء بانتظار رد سعودي مماثل على هذه المبادرة مالم فإن الوقت محدود أمام صنعاء لاختبار وقياس التعاطي السعودي مع هذه المبادرة.

لكن الرياض ووفق المعطيات الأولية بشأن سير المفاوضات غير المعلنة مع صنعاء، تسعى فقط لتمديد مدة مبادرة صنعاء والمماطلة قدر الإمكان لكسب الوقت لا أكثر وهو ما خبرته وأدركته القيادة في صنعاء وسرعان ما تجاوبت مع المراوغة السعودية واستطاعت التعامل مع التصعيد البري والجوي من الجانب السعودي الذي يركز على المناطق الحدودية.

الرياض تستخدم وساطات دولية للضغط على صنعاء

بالتزامن مع سير المفاوضات غير المعلنة، عملت الرياض على استغلال وساطات دولية بينها وساطة إيرانية لمحاولة ثني موقف صنعاء ودفعها للقبول بنصف حل بشأن وقف الحرب على اليمن ورفع الحصار.
غير أن هذه الوساطات والتي اشترك فيها إلى جانب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وسفراء العديد من الدول الأوروبية والذين التقوا في أوقات متقاربة برئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبدالسلام في العاصمة العمانية مسقط واشترك فيها أيضاً المبعوث الأممي مارتن غريفيث والذي استخدمته الرياض للتوسط بنفسه لدى زعيم أنصار الله والذي التقى به الأسبوع الماضي في صنعاء، هذه الوساطات جميعها باءت بالفشل.

اقرأ بهذا الشأن “السعودية تدفع وساطات دولية بينها إيرانية للضغط على صنعاء للقبول بنصف حل والأخيرة ترفض
https://gifted-wozniak.173-212-227-29.plesk.page/2019/10/29/%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%b9%d9%88%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d8%aa%d8%af%d9%81%d8%b9-%d9%88%d8%b3%d8%a7%d8%b7%d8%a7%d8%aa-%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d9%8a%d9%86%d9%87%d8%a7-%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7/

شروط صنعاء التي فشلت الرياض في تجاوزها

موقف صنعاء من المفاوضات الجارية غير المعلنة بين صنعاء والرياض مبني على أساس وقف الحرب بشكل كامل في مختلف مناطق اليمن، وأن صنعاء لن تقبل بأي حل يبقي على التواجد العسكري الأجنبي في أي بقعة جغرافية في اليمن، وهي إشارة إلى أن البقاء السعودي والوصاية السعودية على الجنوب اليمني بموجب اتفاق الرياض سيكون مرفوضاً من قبل قيادة السلطة السياسية في صنعاء وأن أي هدنة مؤقتة من قبل السعودية لن يحظى باعتراف من صنعاء بأن الحرب قد انتهت وستبقى قوات الجيش اليمني التابعة لحكومة الإنقاذ في حالة احتراب مع التواجد العسكري الأجنبي جنوب اليمن.

قد يعجبك ايضا