تطورات في الوضع العسكري بين اليمن والسعودية

صنعاء – الرياض – المساء برس| منذ بداية شهر رمضان المنصرم بدأ الجيش اليمني وبقيادة وزارة الدفاع التابعة لحكومة الإنقاذ في صنعاء بالتصعيد العسكري غير المسبوق نحو الداخل السعودي وبدأت صنعاء بتنفيذ عمليات اجتياح واسعة لأراضي ومواقع ومعسكرات سعودية جنوب البلاد في أراضي نجران وجيزان وعسير.
التصعيد العسكري لقوات صنعاء حمل أكثر من شكل فبالتزامن مع تصعيد الهجمات الصاروخية والهجمات التي استخدمت فيها القوات الجوية اليمنية الطائرات المسيرة “سلاح الجو المسير” دفعت وزارة الدفاع بوحدات قتالية متخصصة جداً ونوعية لاجتياح جنوب السعودية وإسقاط المواقع العسكرية والمعسكرات السعودية وملحقاتها واحداً تلو الآخر.

| تصعيد عسكري بعد عرقلة اتفاق الحديدة |

هذا التصعيد أتى بعد أن وصلت جهود المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث إلى طريق مسدود بشأن استكمال تنفيذ اتفاق السويد بشأن الحديدة والذي تنصل التحالف عن تنفيذه وأوعزت الرياض وأبوظبي لـ”الشرعية” بإفشال أي تقدم تفاوضي بل والدفع نحو إيقاف المبعوث الأممي من عمله وطلب تغييره بذريعة تعامله مع حكومة صنعاء وهو ما قوبل بالرفض القاطع من قبل الأمين العام للأمم المتحدة.
في مقابل ذلك تقول أطراف سياسية معنية بالملف اليمني أن صنعاء قدمت تنازلات في سبيل تنفيذ اتفاق الحديدة وأن هذه التنازلات أحرجت المبعوث الأممي أمام المجتمع الدولي أولاً وأمام الرياض وأبوظبي وواشنطن ولندن ثانياً وقادت هذه التنازلات التي قدمتها صنعاء نحو تعرية الطرف الآخر وإظهاره أمام العالم بأنه الطرف المعرقل لتنفيذ اتفاق الحديدة ولأي حل سلمي في اليمن بشكل عام.

| خلال أربعة أيام أكثر من 80 قتيل من المرتزقة اليمنيين تقاتل بهم الرياض في حدودها |

السعودية بدورها وكالعادة دفعت بمن تراهم “مقاتلين رخيصي الثمن” من اليمنيين الموالين لها، ووفقاً لمعلومات نقلها مصدر بـ”الشرعية” وأعلنها الناشط السياسي اليمني والمغترب في الولايات المتحدة محمد عبدالله المسمري من أن الأسبوع الأخير من شهر مايو الماضي شهد أكبر مجزرة بشرية بحق “المقاتلين المرتزقة من اليمنيين” المقاتلين دفاعاً عن السعودية وقواتها.
وقال المسمري نقلاً عن مصدر بـ”الشرعية” أبلغه بأن اليمنيين يقاتلون بدلاً عن السعوديين دفاعاً عن الأراضي السعودية وأن أكثر من 80 يمنياً يقاتلون كمرتزقة مع السعودية قُتلوا ما بين يومي الإثنين والخميس من الأسبوع الأخير من شهر مايو وأن عدد القتلى من الجنود السعوديين بلغوا 3 جنود فقط.

ما كشفه المسمري جاء تأكيداً لما تنشره وزارة الدفاع بصنعاء التي تعلن يومياً منذ بدء التصعيد العسكري في الداخل السعودي عن سقوط العديد من القتلى والجرحى من مقاتلين التحالف السعودي المدافعين عن أراضي المملكة بدلاً عن السعوديين.
ومؤخراً أعلنت قوات صنعاء كسر 3 زحوف لمقاتلين مرتزقة يمنيين يقاتلون نيابة عن السعودية، كانوا يحاولون استعادة مواقع عسكرية قبالة أبواب الحديد في محور عسير سبق وتمكنت قوات صنعاء من السيطرة عليها.

| صنعاء وسياسة الضغط العسكري لتحقيق مكاسب حقوقية لليمنيين |

في الوقت الذي ذهب فيه بعض السياسيين العرب والأجانب لتفسير التصعيد العسكري لصنعاء ضد السعودية خصوصاً الهجمات باستخدام الطائرات المسيرة الذكية التي بدأت صنعاء بإنتاجها بمعدل طائرة كل يوم، والتي استهدفت منشأة مضخة نفط أرامكو ومن ثم إخراج مطارات نجران وجيزان عن الخدمة العسكرية حيث كانت تستخدم لشن هجمات جوية على اليمن، بالإضافة إلى استهداف منصات وبطاريات منظومة باتريوت الدفاعية الجوية الأمريكية في نجران، في الوقت الذي ذهب فيه الساسة لتفسير ذلك على أنه يأتي بالتزامن مع التصعيد الأمريكي ضد إيران وتصاعد التوتر في المنطقة وفُهم على أن صنعاء تنفذ أجندة إيرانية في سياق الرد على تصعيد واشنطن وحلفائها في المنطقة ضد إيران، تبين في وقت لاحق من خلال تصريحات مسؤولين يمنيين وقياديين في جماعة أنصار الله أن التصعيد العسكري لا علاقة له بما يحدث من توتر في المنطقة بين واشنطن وطهران وإنما يأتي كاسترتيجية جديدة لصنعاء عنوانها استخدام الضغط العسكري ضد السعودية بهدف دفعها نحو ترك استخدام أوراق الحصار الاقتصادي وحصار التنقل كإغلاق مطار صنعاء الدولي كأوراق حرب ضد سلطة صنعاء كون هذه الأوراق تستهدف المجتمع اليمني بأكمله.

سلطة صنعاء وقواتها وبعد امتلاكها قدرة أكبر وكفاءة عالية في إنتاج السلاح كالطائرات المسيرة والصواريخ الذكية وبكميات إنتاج كبيرة بات بإمكانها استخدام هذا التطور وتوظيفه في سبيل الضغط على السعودية للتخفيف من استخدامها أوراقاً أخرى غير عسكرية للضغط على سلطة صنعاء كالورقة الاقتصادية وفرض الحصار وتشديده وهو ما يمكن تفسيره من خلال تكرار الهجمات بالطيران المسير على مطارات جيزان ونجران وأبها وما تلاها من تصريح للمتحدث باسم أنصار الله ورئيس وفد صنعاء التفاوضي محمد عبدالسلام والذي قال إن رفع السعودية لحصارها وفتح مطار صنعاء لن يحدث إلا إذا أغلقت القوات اليمنية مطارات سعودية.

| التصعيد العسكري في الداخل السعودي سيستمر وسيتطور حتى لو تحالفت طهران وواشنطن |

يبدو أن التصعيد العسكري ضد السعودية سوف يستمر بل ومن المتوقع أن يتطور وليس من المستبعد أن نشهد في الأيام أو الأشهر القليلة المقبلة عمليات عسكرية برية واسعة تهدف لاجتياح جنوب السعودية، وهو ما يمكن استقراؤه من خلال الزيارة التي نفذها وزير الدفاع اليمني بحكومة صنعاء اللواء الركن محمد ناصر العاطفي والذي زار محور نجران العسكري ووصل إلى مشارف مدينة نجران وأشار بيده إلى مطارها الذي كان مضيئاً بأعمدة الإنارة ويرى بالعين المجردة بكل سهولة.
كانت زيارة العاطفي إشارة ذات أهمية بالغة يمكن من خلالها قراءة ما قد تشهده الجبهات العسكرية داخل السعودية خلال الأيام القادمة.
في صنعاء لم يكن بإمكان قوات الجيش التصعيد العسكري ضد السعودية بهذه الوتيرة المتسارعة من قبل، ولكن بعد أن تمكنت قوات صنعاء خاصة وحدة التصنيع العسكري من إنتاج كميات كبيرة من الأسلحة وحققت اكتفاءً ذاتياً من الذخائر التي تنتجها اليمن بمختلف الأنواع بما فيها ذخائر الأسلحة الثقيلة وبعد قدرتها من إنتاج كميات كبيرة من الطائرات المسيرة والصواريخ الذكية، بعد كل ذلك يبدو أن صنعاء متجهة نحو التصعيد اللامتناهي ضد السعودية، وهدفها في ذلك هو دفع الأخيرة نحو وقف الحرب على اليمن نهائياً ورفع الحصار على المدنيين، الأمر الذي يشير إلى أن التصعيد العسكري اليمني لا علاقة له بالتوتر بين طهران وواشنطن.
وحسب مصادر رفيعة مقربة من مصادر القرار السياسي والعسكري في صنعاء تحدثت لـ”المساء برس” وطلبت عدم كشف هويتها، فإن الوضع الإقليمي لن يغير من مجريات المعارك والتطورات العسكرية في اليمن أو بين اليمن والسعودية، وعلى افتراض أن واشنطن وطهران توصلتا إلى اتفاق ينهي الأزمة بينهما أو حتى حدوث تحالف بين طهران وواشنطن فإن استراتيجية صنعاء العسكرية خلال 2019 ستستمر وربما سترتفع وتيرتها بشكل أكبر ولن تستطيع إيران أو روسيا أو أي دولة مناهضة للحلف الأمريكي إيقاف صنعاء عن تصعيدها غير المسبوق ولن يكون بمقدور الرياض سوى الرضوخ لشروط القيادة السياسية لصنعاء.

قد يعجبك ايضا