آخر تطورات المشهد العسكري اليمني.. استراتيجية صنعاء تشهد تغيراً جذرياً

الضالع – صنعاء – المساء برس| شهدت الجبهات العسكرية المشتعلة بين قوات حكومة صنعاء الموالية لأنصار الله وبين المليشيات المسلحة التابعة للتحالف السعودي الإماراتي تغيرات دراماتيكية كبيرة وفارقة في مسار المعارك العسكرية بين الطرفين مقارنة بالفترات الماضية الممتدة من 2015 حتى نهاية 2018.

| اصطفاف شعبي مع قوات صنعاء |

ليست فقط تصريحات المتحدث باسم وزارة الدفاع بصنعاء العميد يحيى سريع هي فقط ما تثبت وجود اصطفاف شعبي مع قوات صنعاء، بل إن المعلومات المؤكدة والواردة من مناطق الاشتباك في محافظة الضالع جنوب اليمن تتحدث عن أن موقف أبناء المناطق التي تقدمت ولا زالت فيها قوات صنعاء بات متغيراً بشكل جذري تجاه قوات صنعاء وأنصار الله من ناحية وتجاه التحالف السعودي الإماراتي ومليشياته المسلحة من جهة ثانية وتجاه الشرعية ومسؤوليها من ناحية ثالثة.
وفي اتصال هاتفي مع أحد المشائخ البارزين بمحافظة الضالع مع “المساء برس” مساء اليوم، اختصر الشيخ – الذي فضّل عدم ذكر اسمه – المشهد العسكري والمجتمعي للمناطق الجنوبية بعبارة قصيرة، حيث قال “الجنوبيين كلهم أصبحوا مع الحوثيين وينتظرون وصولهم وهذا هو ما جعل تقدم أنصار الله في الجنوب يحدث بشكل سريع جداً وباختصار التجربة السابقة للجنوبيين مع التحالف والشرعية جعلتهم يتحولون إلى حوثيين قلباً وقالباً”.
وأضاف الشيخ القبلي إن الوضع في المحافظات الجنوبية وصل بالجنوبيين إلى أن ينتظرون فرصة دخول قوات صنعاء وأنصار الله إلى مناطقهم، وأضاف “بل إن الوضع وصل ببعض الجنوبيين خصوصاً ممن قاتلوا ضد الحوثيين في 2015 إلى أن يتحدثون صراحة عن استعدادهم لحمل السلاح مرة ثانية للقتال لكن هذه المرة ليس ضد الحوثيين بل معاهم ضد التحالف ومن سيقاتل إلى جانبه”، وهو ما يعكس مدى الغضب والعداء الذي بات يحمله حلفاء التحالف سابقاً تجاهه وتجاه مليشياته المسلحة.

|كيف سقطت 1500 كيلومتر مربع بيد قوات صنعاء في الضالع |

معارك المناطق الجنوبية التي اشتعلت في محافظة الضالع وقبلها في البيضاء شابتها العديد من علامات الاستفهام حول أسباب تقدم قوات صنعاء بهذه السرعة وسرعة الانهيارات المتتالية للمليشيات المسلحة التابعة للتحالف العسكري السعودي الإماراتي، والتي أدت إلى فرض قوات صنعاء سيطرتها على مساحة تزيد على 1500 كيلو متر مربع في غضون فترة وجيزة.
نائب وزير خارجية صنعاء، حسين العزي، عبر عن هروب المسلحين الجنوبيين التابعين للتحالف وترك القتال بمجرد اقتراب عدة أفراد من قوات صنعاء بالقول إن “فرار جيوشهم المتزايد لا يعني بأي حال من الأحوال أن مقاتلي العدوان جبناء أو أنها تنقصهم خبرة أو شجاعة وإنما يعني شيئاً واحداً فقط هو أنهم على يقين بأنهم يقاتلون في صف الباطل وأنهم في الموقف الخطأ”.
ورفض العزي أن يتم اعتبار “ترك المسلحين الجنوبيين للقتال وانسحابهم من مواقعهم” هو انتقاص منهم، وقال “لا أرى في فرارهم أي انتقاص بقدر ما أرى فيه عصمة لهم من الموت على باطل وأحسبه من توفيق الله”.

| استمرار التقدم.. واستراتيجية صنعاء العسكرية “أبناء المحافظات الجنوبية ضمن تشكيلات قواتنا المتقدمة” |

في الوقت ذاته لا يبدو أن استراتيجية صنعاء العسكرية خلال الفترة القصيرة المقبلة ستتغير عما هو عليه الحال الآن، خاصة وأن وزارة الدفاع أعادت التأكيد على لسان متحدثها يحيى سريع أن “تأمين أراضي الجمهورية وحماية السيادة الوطنية هو هدف استراتيجي للقوات المسلحة”، ما يعني أن المعارك ستستمر، وهو مؤشر في السياق ذاته على أن قوات صنعاء واثقة من حجم قواتها وعدتها وعتادها العسكري التي تمكنها من بسط السيطرة على جميع المناطق.

وحتى لا تتكرر بعض أخطاء 2015 وأحداثها العسكرية في عدن وبعض المناطق والتي كان الفاعل الرئيسي فيها هو الرئيس الأسبق الراحل علي عبدالله صالح والذي كان يدير معظم القوات التي كانت متواجدة في السابق في المحافظات الجنوبية واعتُبرت أنها قوات انقلابية مصطفة ومحسوبة على أنصار الله، كي لا تتكرر تلك الأخطاء، يبدو أن صنعاء اتخذت استراتيجية تعمل على تنفيذها لتطمين أبناء المحافظات الجنوبية بهدف كسر الحاجز وإزالة التخوفات الجنوبية من قوات صنعاء والتي بُنيت بفعل التعبئة الإعلامية لأبناء الجنوب من قبل التحالف والشرعية على مدة الأربعة الأعوام الماضية.
ويتبين ذلك من خلال الرسائل التي بعثها متحدث قوات صنعاء في مؤتمره الصحفي الأخير الذي استعرض فيه التطورات العسكرية في اليمن خلال أبريل الماضي، حيث قال سريع إن “العمليات العسكرية الأخيرة لا تستهدف إخواننا من أبناء المحافظات الجنوبية”، وأضاف أن “هدف العمليات العسكرية هو طرد الغزاة المحتلين وعملائهم”.
في حين ركزت الرسالة الثانية على الخصوصية التاريخية والجغرافية للمناطق الجنوبية من ناحية، وعن موقع أبناء الجنوب والمنتمين للقوات المسلحة من الجنوبيين أثناء وبعد استعادة صنعاء للمناطق الخاضعة لسيطرة التحالف، حيث قال سريع “قواتنا وهي بصدد تنفيذ المهام العملياتية في تلك المناطق والمحافظات تدرك أهمية الدور التاريخي لأبناء تلك المحافظات والمناطق في مقارعة الغزاة وأن قواتنا تأخذ بعين الاعتبار الخصوصية التاريخية والجغرافية لتلك المناطق … ندرك جيداً ومعنا أبناء المحافظات الجنوبية أن من ضمن سياسات العدوان إدامة وتغذية عوامل التفرقة بين أبناء الوطن حتى يتمكن من تحقيق أهدافه وأطماعه في بلادنا ونؤكد أن الكثير من أبناء تلك المحافظات ضمن التشكيلات المتقدمة لقواتنا”.

| الانتقالي يفقد بوصلة المعارك |

الانهيارات في صفوف قوات التحالف باتت جلية من خلال تخلي مسلحي الانتقالي عن القتال في صف التحالف في موازاة ضعف قابلية التحشيد واستقطاب مقاتلين جدد من أبناء المحافظات الجنوبية، لدرجة بلغت أن المقربين من قيادة المجلس الانتقالي كالمرافق الشخصي لعيدروس الزبيدي رئيس المجلس يشاركون بأنفسهم في القتال ضد قوات قوات صنعاء، الأمر الذي يعكس مدى الاحتياج الشديد الذي يعانيه الانتقالي من المقاتلين والذي بلغ بالزبيدي وشايع وأبو اليمامة لأن ينتقلوا بأنفسهم إلى الضالع.
الأمر الذي يراه مراقبون أنه كشف حقيقة القاعدة الشعبية الوهمية للانتقالي وقيادته والتي قررت الانتقال إلى الضالع لمحاولة تحقيق هدفين رئيسيين، الأول: محاولة حشد أكبر قدر من المواطنين ودفعهم لحمل السلاح ضد قوات صنعاء، ثانياً: لإيقاف انسحابات مسلحي الانتقالي المتواجدين في خطوط التماس والخطوط الخلفية وترك القتال مع أول طلقة تحذيرية تخرج من بنادق قوات صنعاء.

ووسط هذا التخبط الذي يواجهه الانتقالي، تبرز معضلة كبيرة، تتمثل في فقدان الانتقالي لبوصلة المعارك العسكرية، ففي الوقت الذي ينقسم مسلحيه بين القتال بمحافظة الحديدة في الساحل الغربي تحت قيادة القوات الإماراتية، والقتال في بعض الجبهات الحدودية ومعظم الجبهات في مناطق جيزان ونجران وعسير كخطوط أمامية تتقدم القوات السعودية، فإن الانتقالي الآن يعجز عن تغطية الجبهات المشتعلة في المناطق الجنوبية بالضالع، ويمكن القول إن الانتقالي فقد القدرة على التصرف ووجد نفسه مجلساً شكلياً دون أي قدرة فعلية على الأرض فهو لا يعرف هل يسحب المقاتلين من الحديدة لتغطية جبهات الجنوب أم يسحب مقاتليه في الحدود، ولا يبدو أنه قادراً على اتخاذ أي خيار، ففي كل الحالات لا يملك الانتقالي حق اتخاذ أي قرار بالنظر إلى طبيعة علاقته مع ضباط أبوظبي التي بنيت على أساس التبعية وليس التحالف والندية.

قد يعجبك ايضا