التحالف يلجأ لـ”مسرحية محاربة القاعدة” لشرعنة بقائه ومواجهة الضغوط الدولية

عدن – المساء برس| أصبح شعار “محاربة التنظيمات الإرهابية القاعدة وداعش في اليمن” هو الشماعة الأقرب التي يلجأ إليها “التحالف السعودي الإماراتي ضد اليمن” لشرعنة تواجده العسكري في المناطق الجنوبية لليمن من ناحية ومواجهة الضغوط الدولية الداعية لوقف الحرب من ناحية ثانية.
وبعد الجلسة المنعقدة لمجلس الأمن الجمعة الماضية والتي دعا فيها أعضاء المجلس بالإجماع إلى سرعة التطبيق الفوري للمرحلة الأولى من اتفاق الحديدة التي تم الإعلان عنها وأكدت الأمم المتحدة أن طرفي صنعاء والتحالف وافقا على تنفيذها، وجهت كل الأنظار نحو التحالف السعودي الإماراتي على أنه الطرف المعرقل لتنفيذ الاتفاق، خاصة بعد الحركة التي قام بها أنصار الله وحلفائهم مؤخراً والتي وصفها مراقبون بـ”الذكية”، والتي من خلالها أعلنوا للمجتمع الدولي أنهم ليسوا طرفاً معرقلاً للحل في اليمن والحديدة تحديداً وأن التحالف هو من يعرقل بدليل إعلانهم الموافقة على مقترح رئيس لجنة المراقبين الأممية مارك لوليسغارد رغم ما شابه من إجحاف بحق طرف صنعاء وبرغم التنازل الذي قبلوا به لقاء قبول طرف التحالف، أو على الأقل تعرية هذا الطرف أمام العالم وإثبات أنه الطرف المعرقل والرافض لتنفيذ الاتفاق، فكانت استراتيجية صنعاء في التعامل مع جهود رئيس لجنة المراقبة الجديد مدروسة بعناية واستطاعت صنعاء من خلالها نقل الكرة من ملعبها إلى ملعب التحالف، وليس ذلك فحسب بل وكشف كل المستجدات ونشر معلومات الاجتماعات بين طرفي صنعاء والتحالف في الحديدة بحضور الأمم المتحدة وإتاحتها لوسائل الإعلام بتصريحات رسمية أبرزها ما صدر عن رئيس وفد صنعاء محمد عبدالسلام.

التحالف وشماعة “محاربة القاعدة”

أصبح تنظيم الدولة “داعش” والتنظيم الدولي الإرهابي “القاعدة” هما الشماعة التي يعلق عليها التحالف مبررات بقائه في المناطق الجنوبية لليمن بل ومبررات منعه سلطة “الشرعية” المنفية في الرياض من العودة إلى عدن أو إلى أي محافظة أخرى خارج سيطرة سلطات صنعاء، وبمجرد شعور التحالف بحجم الضغوط الدولية عليه والداعية لإنهاء الحرب في اليمن خاصة ما حدث في مجلس الأمن الجمعة الماضية من تشديد ودعوة لتطبيق فوري لتنفيذ اتفاق الحديدة، عمد إلى إبراز، أو بتعبير دقيق “إخراج ورقة القاعدة من درج التحالف وإعادة استخدامها”، لمواجهة هذه الضغوط الدولية.
منطق التحالف السعودي الإماراتي يقول حالياً “نحن نعمل في اليمن لضمان أمن واستقرار المنطقة وحتى لا تتحول اليمن إلى ساحة للأطماع الإيرانية كما أن واحداً من الأسباب الرئيسية لتواجدنا حتى الآن في اليمن هو محاربة تنظيم القاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى وذلك بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية التي رفعت شعار الحرب على الإرهاب منذ أحداث 11 سبتمبر 2001.
يقول مراقبون إن “مسرحية محاربة تنظيم القاعدة وداعش في اليمن باتت مكشوفة لدرجة أن من لا يعرف أبجديات السياسة بات يدرك بسهولة أن محاربة تنظيم القاعدة بالنسبة للإمارات والسعودية في اليمن هي مجرد مسرحية، وحتى التحالف يلعب على هذه الورقة بغباء وسذاجة لدرجة أنه يفضح نفسه بشكل سريع جداً”.
وتبدو وجهة النظر التي طرحها المراقبون مقاربة إلى حد كبير لحقيقة ما يحدث، فالتحالف وبمجرد أن شعر بالتحرك الدولي ضده وذلك عبر تحرك أمين عام الأمم المتحدة ولقائه بالأمريكيين كونهم أصحاب القرار فيما يخص التحالف السعودي الإماراتي وهذا أولاً، وثانياً اجتماع مجلس الأمن والذي دعا إلى التنفيذ الفوري لاتفاق الحديدة في مرحلته الأولى التي أكدت صنعاء جهوزيتها لتنفيذها ولم يتبقَ سوى أن يقول التحالف نحن أيضاً موافقون ونعلن استعدادنا سحب قواتنا، هذا التحرك استدعى من التحالف أن يبرز ورقة القاعدة ومحاربتها وهذا بالفعل ما حدث.
أوعزت الإمارات للعناصر التابعة لتنظيم القاعدة لتنفيذ هجمات ضد عناصر محلية تابعة للإمارات ولا تخضع لسلطة “الشرعية”، ففي محافظة أبين جنوباً حدث هجوم بصاروخ حراري استهدف عبده سند المرقشي، القيادي في الحزام الأمني وهو تشكيل مسلح أنشئ بتمويل وتخطيط إماراتي ليكون تابعة لقيادة القوات الإماراتية في المحافظات الجنوبية.
وحسب وسائل إعلام التحالف فإن المرقشي كان يقود عملية عسكرية ضد تنظيم القاعدة في وادي عومان بمديرية مودية محافظة أبين، وقد نجا المرقشي هو ومرافقيه على الرغم من أن الصاروخ أصاب السيارة التي كانت تقل المرقشي ومن معه.
حادث آخر استهدف جندياً في قوات “النخبة” وهو تشكيل مشابه للتشكيل السابق ويتبع ذات الجهة، وهو المساعد سالم سعيد مبارك مفتاح يتبع لواء شبام التابع للنخبة الحضرمية التابعة والمدعومة من الإمارات، وحسب مصادر محلية فإن مسلحين مجهولين في وادي حضرموت اغتالوا المساعد سالم الجمعة الماضية في مديرية القطن، وبالتزامن مع ذلك تهدد قيادات في المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات بأن قوات النخبة معرضون للتصفية في حضرموت ويتهمون بشكل مباشر وغير مباشر حزب الإصلاح بوقوفه خلف عمليات التصفية التي تستهدف المسلحين الذين أنشأتهم الإمارات جنوب اليمن ويعتبرون أن الإصلاح “جماعة إرهابية” وهو ما يعني أن محاربة الإمارات للإصلاح هي ضمن محاربة الإرهاب الدولي وطالما وأن الاغتيالات لا زالت مستمرة جنوب اليمن فهذا يعني أن الإرهاب لا يزال قائماً وأن من واجب الإمارات البقاء للقضاء عليه.
تجدر الإشارة إلى أن تقارير دولية لكبريات الصحف ووكالات الأنباء الأوروبية والغربية وكذا تقارير الأمم المتحدة سواء التقارير السنوية الصادرة عن لجنة العقوبات أو تقرير لجنة الخبراء الدوليين بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، أكدت جميعها على أن التنظيمات الإرهابية النشطة في اليمن تعمل بشكل مباشر مع التحالف السعودي الإماراتي وتقاتل وتحصل على كميات كبيرة من السلاح والذخائر من التحالف، كما أن قيادات عسكرية رسمية تتواجد ضمن التشكيل العسكري القيادي في القوات التابعة لحكومة “الشرعية” الموالية للتحالف، وجميعها تقاتل في صف واحد ضد قوات حكومة “الإنقاذ” التابعة لسلطة صنعاء.

قد يعجبك ايضا