مصير غامض للمفاوضات التحالف يصعّد باقترابها والوفود لم تصل السويد

صنعاء – المساء برس| تجددت المعارك في الحديدة غرب اليمن على الرغم من اقتراب موعد المفاوضات المزمع انعقادها في العاصمة السويدية ستوكهولم من ناحية، ورغم التحذيرات للأمم المتحدة مؤخراً وآخرها ما ورد على لسان منسق الإغاثة الطارئة مارك لوكوك والذي قال إن اليمن على شفا كارثة كبرى تعليقاً على وضع مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي المهدد بالخطر في أي لحظة.
تحذيرات الأمم المتحدة يمكن وصفها بالأكثر خطورة هذه المرة، وحسب “لوكوك” فإنه قابل أطفالاً في عدن يعانون من سوء التغذية “لدرجة أنهم كانوا غير قادرين على فتح أعينهم الإغاثة تساعد على التعافي، لكن هناك أطفال ينتكسون لعدم قدرة أسرهم على تحمل تكلفة الغذاء والرعاية الطبية”.

    الوضع في الميدان بالحديدة

مصادر ميدانية في مدينة الحديدة أكدت تجدد المعارك في محيط المدينة بعد هجمات نفذتها القوات الموالية للتحالف تزامنت مع غارات جوية مكثفة أدت إلى سقوط ضحايا من المدنيين وإحداث دمار في الممتلكات الخاصة والمنشئات الاقتصادية كبعض المصانع الغذائية.
ووصفت المصادر لـ”المساء برس” طبيعة المعارك بأنها المعارك الأعنف منذ وقف قوات التحالف لعملياته هناك قبل نحو أسبوعين بناءً على توجيهات من الولايات المتحدة الأمريكية.
أوقفت أمريكا الحرب بالحديدة ثم استأنفتها الجمعة الماضية، وأمس السبت كشفت وكالة الأنباء الفرنسية إن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قال لنظيره السعودي عادل الجبير إن العمليات العسكرية في اليمن يجب أن تستمر لمحاربة النفوذ الإيراني، حسب تعبيره، مضيفة إنه أكد للجبير استمرار الولايات المتحدة تقديم دعمها العسكري للسعودية في حربها باليمن.
تصريحات وزير الخارجية الأمريكية بالتزامن مع تصعيد التحالف عسكرياً في الساحل الغربي وما سبق ذلك من تصريحات من قبل مسؤولين في حكومة “الشرعية” المتواجدين خارج اليمن على رأسهم الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر والتي أكدت على أن الحل السلمي في اليمن لن يكون إلا وفق المرجعيات الثلاث، كل ذلك يؤشر على أن المفاوضات المزمع إقامتها في العاصمة السويدية ستوكهولم قد لا تكون المفاوضات التي ينتظرها اليمنيون للخروج بالبلاد من حالة الحرب ووقف التدخل العسكري للتحالف وسحب قواته ورفع الحصار في كل الجغرافيا اليمنية، ذلك لأن المؤشرات السابقة تؤكد أن طرف التحالف لا يريد وقف الحرب على هذا الوضع العسكري الميداني لكل طرف، وهو ما يشير إلى أن التحالف لا يرى أن من مصلحته وقف العمليات العسكرية في اليمن على هذا الوضع وطالما لا تزال المعادلة العسكرية تصب لصالح قوات حكومة الإنقاذ، وذلك بالفعل ما أكدته وسائل إعلامية غربية نقلاً عن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين وقادة رأي والذين أفادوا أن وقف الحرب في اليمن وفقاً لهذه المعطيات الميدانية عن كل طرف يعتبر هزيمة للتحالف السعودي وانتصاراً لصنعاء.

    الوفود المفاوضة لم تصل السويد بعد

أواخر نوفمبر الماضي صرح رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي بالقول “اعتقد ان الوفد الوطني سيكون هناك في السويد باذن الله في الثالث من ديسمبر”، وقال في تغريدة على حسابه بتويتر إن ذلك مرهون باستمرار “ضمان الخروج والعودة الآمنة ووجدت المؤشرات الايجابية التي تدلل على اهمية السلام لدى الاطراف الاخرى. ونتمنى المسارعة بإخراج الجرحى للعلاج كخطوة اولى وبداية لفك الحصار والحظر عن الشعب اليمني المظلوم”.
وبعد تصريحات وزير الخارجية الأمريكي وتصريحات “الشرعية” التي أعلنت تمسكها بالمرجعيات التي أصبح المجتمع الدولي يراها غير منطقية الآن، غرّد الحوثي بالقول “اعتقد ان المبعوث الاممي يدرك بعد قراءة الإخفاقات في الجولات السابقة ان اي شروط يضعها العدوان الأمريكي السعودي الاماراتي وحلفائه ليست الا عراقيل قد جربت في السابق وكانت سبب لفشل جميع المفاوضات في ذلك الوقت وان تكرارها من قبلهم تعبر عن اجهاض لمساعيه لصنع السلام الذي يعمل للوصول اليه”.
بدورها أعلن مسؤولين في “الشرعية” من المتواجدين خارج اليمن بأن وفد الرياض لن يذهب إلى العاصمة السويدية للمشاركة في المفاوضات إلا بعد أن يصل وفد طرف صنعاء، في حين كشف سياسيون يمنيون في الولايات المتحدة أن وفد الشرعية لم يحسم أمره حتى اللحظة بشأن الشخصيات التي ستمثل الوفد في المفاوضات وأن هناك صراع فيما بينهم حول من يشارك.

    أمريكا ووقف مشروع القرار البريطاني بمجلس الأمن

عرقلة أخرى للحل في اليمن جاءت من واشنطن عبر مجلس الأمن الدولي، تمثلت بضغوط مارستها الولايات المتحدة على بريطانيا لتأجيل عرض مشروع القرار البريطاني الذي دعا لوقف الأعمال العسكرية في الحديدة وهدنة لمدة أسبوعين لإزالة العوائق أمام المساعدات الإنسانية الواصلة إلى الحديدة، وضغطت أمريكا لوقف التصويت على مشروع القرار إلى ما بعد محادثات السويد، كما اتفقت مع الدول دائمة العضوية في المجلس على ذلك بما فيها روسيا والصين.
هذا الإجراء من واشنطن اعتبره الوزير المفوض في الخارجية اليمنية بحكومة الإنقاذ عبدالله سلام الحكيمي، أنه يهدف لاستمرار ممارسة الضغوط السياسية على الوفد الوطني المفاوض عن سلطة صنعاء لتقديم التنازلات أثناء المفاوضات، وذلك عبر استمرار العمليات العسكرية والحصار المفروض من قبل التحالف.
وقال الحكيمي وهو مقيم المملكة المتحدة البريطانية، في تصريح خاص لـ”المساء برس” إن الولايات المتحدة تهدف منذ اليوم الأول للحرب على اليمن ترتيب الوضع السياسي في اليمن بما يضمن لها الهيمنة على القرار السياسي من خلال التسوية السياسية.
وحول ما تطرحه “الشرعية” من حديث عن المرجعيات الثلاث قال الحكيمي إنه يرى أن هذه المرجعيات تصب في صالح وفد صنعاء ولعل أكثرها القرار (2216) الذي “تكمن أهميته في أنه لم يعطِ تفويضاً بشن الحرب أو فرض الحصار على اليمن”، أما مخرجات الحوار الوطني فيرى الحكيمي إنه “بالاستناد إليها يمكننا المطالبة بمحاكمة هادي وكل من طلب الغزو العسكري الأجنبي بجريمة الخيانة العظمى بموجب المخرجات”.

    البحث عن مفاوضات واقعية

بالنظر إلى أن الحرب في حقيقة الأمر هي بين سلطة صنعاء بما تمثله من شرعية على الأرض، وبين السعودية والإمارات ومن خلفهما واشنطن ولندن، فإن الوفد الوطني عن صنعاء يرى أن من الواقعية – إذا كانت هناك مفاوضات جادة لإنهاء الحرب في اليمن – أن تكون السعودية أو الولايات المتحدة الأمريكية موجودتان في المفاوضات كون واشنطن هي صاحبة القرار في الحرب باليمن تليها المملكة السعودية، وهو ما لفت إليه عضو الوفد الوطني عبدالملك الحجري والذي طالب في تصريحات تناقلتها وسائل إعلام موالية لأنصار الله، بأن على السعودية وأمريكا أن يخضعان مخاوفهما بشأن اليمن على طاولة المفاوضات للخروج بحل نهائي لها وتبديدها، وهو طرح اعتبره مراقبون سياسيون في صنعاء بأنه منطقي وواقعي ويتوافق مع الأصوات الغربية التي بدأت ترتفع في وسائل الإعلام العالمية والداعية إلى ضرورة أن تكون الرياض وأبوظبي مشاركتان في المفاوضات لأنهما صاحبتا القرار الحقيقي، لافتين إلى أن ذلك يجب أن يكون بالتوافق مع الولايات المتحدة وبريطانيا اللتان لا تزالان ممسكتان بقرار استمرار الحرب في اليمن من عدمه وبناءً على رغباتهما تتحرك كل من السعودية والإمارات.

قد يعجبك ايضا