“عودة أكتوبر وحراك باعوم” من هنا بدأ الجنوب بضرب خطط الإمارات

عدن – المساء برس| منذ دخول الإمارات جنوب اليمن منتصف 2015 سعت إلى احتواء صوت الجنوب عبر إنشاء قوى بديلة للحراك الجنوبي المعروف، وهي القوى التي تمارس أبوظبي من خلالها الحكم على مفاصل الدولة والثروات جنوب اليمن.

    خلق بيئة ملائمة لاستمرار السيطرة

ووجدت الإمارات في جنوب اليمن بيئة جاهزة لتنفيذ مشاريعها ومخططاتها، فحينها كانت البلاد في حالة حرب، والحكومة المعترف بها دولياً، تم إسقاطها شعبياً وسياسياً ولم يعد لها أي وجود في الشمال أو الجنوب، وقوى الحراك الجنوبي في حالة شتات ومعظم قياداته خارج اليمن، والوضع في المحافظات الجنوبية أسوأ حالاً من المحافظات الشمالية الخاضعة لسيطرة قوات حكومة صنعاء.
القيادات الجنوبية السياسية والأمنية والعسكرية والاستخبارية التي كان يمكن أن تشكل خطراً على توجهات أبوظبي، كل تلك القيادات تعرضت للتصفية عبر اغتيالات نفذتها خلايا أنشأتها أبوظبي وتدعمها حتى اليوم، ويمكن القول إن أبوظبي عملت على إفراغ الساحة الجنوبية لها وحدها، فحتى الحكومة الموالية للتحالف لم تسمح أبوظبي بعودتها إلى عدن ولا إلى أي محافظة جنوبية أو شرقية أخرى.

    شباب الجنوب غارقون في الحبوب والكحوليات والإنترنت

كي لا تجد أبوظبي أي حراك شعبي ضد توجهاتها جنوب اليمن عملت على نشر “المخدرات، الحبوب المهدئة، الكحوليات” وإشغال أوقات معظم ابناء الجنوب في مهام تبعدهم عن التفكير بما تفعله الإمارات في اليمن عموماً وفي المحافظات الجنوبية خصوصاً.
والشواهد في عدن كثيرة على انتشار الحبوب المخدرة والكحوليات في أوساط الشباب بعدن، بالإضافة إلى انتشار اختطاف الفتيات والاغتصاب وتفكك الأسرة، معظم السكان في الجنوب يقضون أوقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك، واتس اب، تويتر” ويقضون وقتاً طويلاً في قراءة مئات الرسائل التي تتدفق إلى هواتفهم ولا يُعلم ماهي مصدر تلك الرسائل التي تحتوي معظمها على شائعات وأكاذيب ضد الحوثيين والإصلاحيين وتلمع في الوقت ذاته الإمارات وتجمّل دورها في اليمن، كل ذلك مثل بيئة ملائمة جداً لعمل خلايا أبوظبي داخل الجنوب في هدوء ودون أي منغصات شعبية.

    عودة اكتوبر

بحلول الذكرى الـ55 لثورة 14 اكتوبر التي انطلقت عام 63 القرن الماضي من منطقة ردفان واتسعت نحو باقي مدن الجنوب لاقتلاع المستعمر البريطاني، بدأ الشارع الجنوبي يفوق من غفوته، وتفاعل مع هذه الاستفاقة، الحراك الجنوبي الذي ظهر في العام 2007 بقيادة حسن باعوم، هذا الحراك عاد مجدداً للظهور على وقع التطورات الحاصلة جنوب اليمن بفعل استمرار الحصار الاقتصادي وسياسة التحالف السعودي الإماراتي التي أدخلت البلد في أكبر أزمة اقتصادية عرفها اليمن منذ العام 1994م.
فالمحافظات التي يقول التحالف إنه “حررها” تعيش وضعاً اقتصادياً أسوأ بكثير من الوضع الذي تعيشه المناطق والمحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء، هذا الوضع دفع بالجنوبيين إلى الخروج إلى الشارع والمطالبة لأول مرة بطرد التحالف ورحيله ورحيل حكومة “الفنادق” التي يحملها المتظاهرون مسؤولية تردي الوضع الاقتصادي في اليمن عموماً والمحافظات المسيطرة عليها خصوصاً.
عودة ذكرى ثورة اكتوبر جعلت الجنوبيين يستذكرون تاريخ آبائهم وأجدادهم في مقارعة الاحتلال البريطاني وكيف خططوا لمواجهته ورفع السلاح في وجهه، بالتزامن مع مقارنة ما كانت تفعله بريطانيا حينها وما تفعله الإمارات اليوم.

    الجنوب يستلهم من صنعاء

لم تكن صنعاء بعيدة عن الحراك الجنوبي الأخير ضد التحالف، بل إن مصادر سياسية مطلعة أكدت لـ”المساء برس” إن هناك اتصالات وتنسيق بين صنعاء وعدد من الأطراف الجنوبية المتواجدة في عدن وبعض المحافظات الجنوبية الخاضعة لسيطرة الإمارات.
وعلى الرغم من توجه الإمارات عبر القوى الجنوبية الموالية لها خلال العامين الماضيين إلى تهجير آلاف المواطنين من أبناء المحافظات الشمالية الذين كانوا مقيمين في الجنوب، وهو الأمر الذي يعتبره كثير من اليمنيين أنه لا يختلف عمّا كانت تفعله بريطانيا خلال احتلالها للجنوب، ورغم ذلك إلا أن هناك الآلاف من أبناء المناطق الشمالية على استعداد للتحرك نحو المحافظات الجنوبية اليوم لمشاركة الشارع الجنوبية في ثورته ضد التحالف وطرد الاحتلال الإماراتي والسعودي على موانئ ومطارات وجزر ومياه جنوب اليمن.

    باعوم.. التيار الجنوبي المنظم والعائد بقوة

الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها مدن الجنوب ضد التحالف، ظهرت بقوة بعد خروج تيار القيادي في الحراك الجنوبي حسن باعوم، حيث كانت مظاهرات تيار باعوم هي الأكبر في كل المحافظات الجنوبية، وكان من اللافت اندفاع الشارع الجنوبية للمشاركة في حراك باعوم مؤخراً نظراً لكون هذا التيار غير مرتبط بأجندات خارجية أو حزبية كتلك المظاهرات التي حركها حزب الإصلاح والتي وجهها ضد التحالف فقد ولم يوجهها ضد حكومة هادي المنفية خارج اليمن، أو تلك المظاهرات التي أخرجها المجلس الانتقالي لركوب الموجة واستغلالها ضد الإصلاح وحكومة هادي فقط دون التعرض للتحالف أو المطالبة بطرده، في حين كانت مظاهرات تيار باعوم داعية إلى طرد التحالف وإسقاط حكومة هادي لفشلها في الملف الاقتصادي والأمني والسياسي.

    حسن باعوم: مستعدون لمد أيدينا للأطراف الشمالية لمواجهة الأجنبي

في مقابلة صحفية أجرتها صحيفة “الأخبار” اللبنانية، أعلن القيادي في الحراك الجنوبي حسن باعوم استعداده لمد يده لجماعة “أنصار الله” وحلفائهم في الشمال لمواجهة “الاحتلال الأجنبي”.
وحوّل رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري الجنوبي، حسن باعوم موقفه من الحرب السعودية الإماراتية على اليمن من موقف محايد حيث أعلن حينها إن “الجنوبيون لا ناقة لهم في هذه الحرب ولا جمل” إلى موقف الرفض القاطع “للاحتلال الإماراتي السعودية”، داعياً بشكل صريح إلى مواجهته بجميع الوسائل.
وأضاف باعوم: “نحن، منذ أول يوم في الحراك، مددنا أيدينا لكل الأطراف والأحزاب الشمالية للتفاوض والحوار بشكل ندي… وقد كان هناك ولا يزال تواصل مع مختلف الاتجاهات، إلا أن مشكلة إخواننا في الشمال أنهم يعيشون في أعالي أبراج عاجية، ويرفضون النزول إلينا والتعامل معنا بندية، وكل حواراتهم معنا كانت للتهدئة والتنويم، أو لإلحاقنا بهم… وهذا أساس المشكلة وجوهر القضية الجنوبية. وللأسف، نعتقد أن تلك العقلية ورّثها الحكام السابقون للاحقين في التعامل معنا، وهذا ما مكّن الاحتلال منا جميعاً ولا يزال. نحن نتمنى أن يمدوا أيديهم إلينا، كما مددنا ولا نزال نمد أيدينا إليهم، للحوار ولمواجهة الاحتلال الأجنبي ولو من باب “أنا عدو ابن عمي وأنا عدو من تعداه”، لكن كشركاء أنداد، وأن يقبلوا ويحترموا الإرادة الشعبية الجنوبية”.

    باعوم يضرب احتكار الإمارات لصوت الجنوب

أكثر دليل يؤكد أن لتيار باعوم حضوره وتأثيره على الشارع الجنوبي هو المظاهرات التي خرجت بعد دعوة المجلس الثوري للحراك الجنوبي، أولاً، وانسحاب أبناء الصبيحة بمحافظة لحج من الجبهات الحدودية حيث كانوا يقاتلون مع التحالف دفاعاً عن الحدود السعودية، وهو ما حدث بالفعل بعد دعوة حسن باعوم لقبائل الصبيحة بسحب أبنائهم من الجبهات الحدودية الذين تستخدمهم الرياض وأبوظبي كوقود حرب لمواجهة الحوثيين في الشمال، وقد أكد حسن باعوم هذه المعلومات في سياق حديثه لصحيفة الأخبار اللبنانية.

قد يعجبك ايضا