لأول مرة صحيفة رسمية تكشف تفاصيل مهمة جداً قبل اغتيال الحمدي

وكالات – المساء برس| فتحت صحيفة 26 سبتمبر الناطقة باسم وزارة الدفاع في حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء، ملف اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي في عددها الأخير الصادر اليوم.
وهذه هي المرة الأولى التي تفتح فيها صحيفة رسمية أو تتحدث وتكشف معلومات عن الشهيد إبراهيم الحمدي منذ اغتياله في 11 أكتوبر قبل 41 عاماً.

اقرأ أيضاً:
26 سبتمبر تكشف رد الشهيد الحمدي على ضغوط السعودية بشأن إلغاء الجيش والاكتفاء بالشرطة
“آخر النشاطات والزيارات للشهيد إبراهيم الحمدي قبل اغتياله، وتفاصيل مؤتمر البحر الأحمر وتصريحات الحمدي وسالمين.. تهديد حقيقي للعدو الإسرائيلي، الجيش.. الحدود.. الوحدة.. النفط.. معلومات وصور تنشر لأول مرة، 4 عقود ودم الحمدي يطارد آل سعود”، تحت هذه العناوين البارزة تصدرت صحيفة 26 سبمبر صفحتها الأولى مع صورة للشهيد الحمدي أمام الجماهير، أما داخل العدد فقد خصصت الصحيفة صفحات عدة للحديث عن الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي وتفاصيل ما قبل اغتياله وأنشطته التي لا يعرفها ولم تكشف أمام الشعب اليمني خلال الفترة الماضية والتي أدت إلى انزعاج قوى إقليمية ودولية من بينها إسرائيل من الشهيد الحمدي.

    سيناريوهات اغتيال الحمدي

قالت الصحيفة في ملفها إن المخططين لجريمة اغتيال الشهيد الحمدي وضعوا عدة سيناريوهات للتخلص من الرئيس “فيجب ان يتم التخلص منه قبل مغادرته الى عدن صباح الـ 12من أكتوبر 1977م.
أشارت الصحيفة إلى أنه كان “من ضمن سيناريوهات اغتيال الحمدي اطلاق النار عليه عن طريق قناصة محترفين تدربوا في دولة يقال عنها شقيقه، وسيناريو آخر بقصف منزل الرئيس الحمدي او بمأدبة الغداء الشهيرة فإذا فشلت كل هذه المحاولات يتم إطلاق النار على الطائرة التي كانت ستقل الرئيس الى عدن فإن نجت يتم اعتراضها بالجو من قبل طيران معادي واسقاطها فوراً”.

    موقف القيادة السياسية الحالية بصنعاء من اغتيال الحمدي

كلمة الصحيفة وهي معروفة بأنها تعبر عن موقف الدولة والقيادة السياسية تم تخصيصها في هذا العدد للحديث عن اغتيال الحمدي، حيث اعتبرت الكلمة إن اغتيال الشهيد الحمدي “مثل اغتيالاً لمشروع وطني نبيل وعظيم فيه تصحيح لا لمسار الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر فحسب وإنما لمسار تاريخ اليمن المعاصر بأبعاد مستقبلية تجسد توجهاً حقيقياً لبناء دولة يمنية مؤسسية موحدة قوية”، كما وصلت الصحيفة الشهيد الحمدي بأنه “القائد الاستثنائي الذي لم يعجب الشقيقة الكبرى مملكة الإجرام النفطي – السعودية – التي توهمت ولا تزال تتوهم أن خير اليمن شر عليها وأن بقاءه ضعيفاً ومتناحراً جعله هيمنتها وسيطرتها ووصايتها بالإتفاق مع قوى الاستعمار الإمبريالي”.
وأضافت الصحيفة الشهيد الحمدي “كان بمثابة المنقذ الذي يحمل مشروعاً ليس لآل سعود وإنما لليمن”، بعد ما حدث من انقلاب على ثورة 26 سبتمبر ووأدها في 5 نوفمبر 1967، حسب الصحيفة، والتي أشارت إلى أن هذا الانقلاب أدى إلى صعود قوى تابعة للسعودية والولايات المتحدة “أوصلت اليمن في شطره الشمالي إلى حالة مزرية بعد أن وضعت تلك القوى، الوطن، لوصاية آل سعود مقابل المال المدنس وسيطرتها على السلطة لتحول اليمن إلى إقطاعيات تتوزعها تلك القوى العميلة نزولاً عند الإرادة السعودية”.
وفي وصف مختصر للشهيد الحمدي، وصفت الصحيفة الرئيس الشهيد بأنه “المسيرة التعاونية والطريق والمدرسة.. هو المدن السكنية لذوي الدخل المحدود.. هو حامل توجه بناء الجيش الوطني.. إبراهيم الحمدي كان هو المشروع الاستقلالي التحرري لليمن الموحد، لم يسلم لآل سعود ما يريدونه من توقيع اتفاقية الحدود والتنازل عن الأرض اليمنية.. كان يريد استخراج النفط للنهوض باليمن اعتماداً على أبنائه وثرواته.. كان يريد تحقيق الوحدة اليمنية على أسس تعبر عن إرادة اليمنيين ومصالحهم الوطنية في بناء يمن ديمقراطي موحد سيد نفسه خال من كل الصراعات ومراكز النفوذ والنزاعات الطائفية والمناطقية والجهوية والشللية المريضة”.

    لو لم يگن هناك عملاء وخونة : هل كان يُمكن افشال مخطط استهداف الحمدي؟

تحت هذا العنوان تجيب الصحيفة بالقول: “الإجابة بكل بساطة نعم.. كان من الممكن ذلك لو لم يكن هناك عملاء وخونة باعوا انفسهم للخارج وتآمروا على وطنهم وغدروا برئيسهم الذي كان له الفضل في وصولهم الى ما وصلوا اليه وهم بتلك الجريمة الشنيعة خانوا دينهم وتنكروا لكل الأعراف والقيم الإنسانية وانقلبوا على كل المبادئ وعلى شرف العسكرية وزمالة السلاح.. نعم كان من الممكن ان ينجو الرئيس وشقيقه وان تنجو اليمن من مخطط الاستهداف الخطير ومن المؤامرة الخبيثة التي لا زلنا نعيش فصولها بالتدمير الممنهج للبلاد.. نعم كان من الممكن ان تفشل المؤامرة السعودية الإسرائيلية على الرئيس الحمدي لو لم تتمكن المخابرات السعودية من استقطاب قادة عسكريين مقربين من الحمدي ولو لم تتمكن المخابرات الإسرائيلية والأمريكية من تجنيد العملاء واختراق صفوف القيادة اليمنية”.

    لجنة التحقيق في اغتيال الحمدي

على وقع المطالبات الشعبية والنخبوية بكشف تفاصيل جريمة اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي وشقيقه قائد قوات العمالقة عبدالله الحمدي لم تجد سلطة ما بعد 11أكتوبر 1977م إلا الانصياع لهذه المطالب والتظاهر بأنها بالفعل جادة في كشف تفاصيل الجريمة للشعب ولأسرة الشهيدين فصدر قرار تشكيل لجنة تحقيق في القضية برئاسة رئيس هيئة الأركان عبدالله الشيبه وعضوية وزير الداخلية في تلك الفترة محسن اليوسفي وكذلك رئيس جهاز الامن الوطني محمد خميس.
غير أن هذه اللجنة لم يصدر عنها أي تقرير او بيان او تصريح يوضح ملابسات الجريمة وما توصلت اليه الأجهزة الأمنية بل إن الحقيقة تكشف لنا أن اللجنة لم تمارس أي عمل ضمن تخصصها ولم تقم بأي خطوة او تتخذ أي اجراء لتنفيذ ما يقع على عاتقها من مهمة الكشف عن ملابسات الجريمة فقد كان تشكيلها فقط لغرض الاستعراض الإعلامي والظهور أمام الشعب الحزين بمظهر السلطة المسؤولة التي لا يمكن لها ان تفوت جريمة كهذه او تتركها دون تحقيق.
اليوم وبعد أربعة عقود وأكثر من تلك الجريمة لا يزال الكثير ينتظر صدور التقرير ولا يزال ملايين اليمنيين يتطلعون لمعرفة نتائج التحقيق الذي لم يتم, فهل حان الوقت لطي صفحة جريمة 11أكتوبر 1977م بإجراء تحقيق والكشف عن نتائجه للشعب وللعالم.

    إتلاف وثائق تتعلق بمرحلة الرئيس الحمدي

“26 سبتمبر” كشفت في سياق ملفها عن الشهيد إبراهيم الحمدي إن “المتآمرين اتجهوا إلى محاولة طمس كل ما يتعلق بمرحلة الحمدي القصيرة زمنياً الطويلة في الذاكرة الشعبية”، حيث كشفت الصحيفة إن السلطات التي أعقبت الشهيد الحمدي قامت بتغيير أسماء المشاريع التي كانت تحمل اسم حركة يونيو التصحيحية أو اسم الرئيس الشهيد وصدرت التوجيهات بمنع ذكر الرئيس الشهيد في وسائل الإعلام كالتلفزيون الذي بدأ بثه في عهد الحمدي، وأضافت الصحيفة: “والأخطر من ذلك إتلاف الكثير من الوثائق المرتبطة بتلك الفترة سيما أي وثيقة قد تقود الباحثين عن العدالة إلى خيوط المؤامرة التي حيكت ضد البلد باغتيال رئيسه والقضاء على مشروع النهضة والتحديث”.
كما كشفت الصحيفة إنه لم يأتِ العام الخامس بعد اغتيال الحمدي إلا “وقد أصبح كل من يتطرق الى الحمدي ومرحلته محل شك أجهزة السلطة ولم يُسمح بتداول منشورات عن الحمدي وتناولات إعلامية لمرحلته إلا بعد الوحدة”.

    لأول مرة: شقيق الشهيد الحمدي يصرّح بهذه المعلومات

في تصريح هو الأول من نوعه ويخرج من أسرة الشهيد إبراهيم الحمدي، صرّح شقيق الشهيد، القاضي محمد الحمدي للصحيفة وأدلى بمعلومات حصل عليها من الشهيد قبل اغتياله بـ4 أيام فقط، وحسب الصحيفة قال القاضي محمد “أقول للتاريخ وللحقيقة انه في يوم الجمعة قبل مقتل ابراهيم بأربعة ايام- لأنه قتل يوم الثلاثاء- كنا انا وهو في المنزل بثلاء فقال لي: في مؤامرة علينا من السعودية لكننا لسنا عارفين من رأس المؤامرة، لم يكن يعرف ان صاحبه احمد الغشمي رأس المؤامرة”.. وأضاف قائلاً: “أنا لست عارفا لماذا السعوديون –يعني السلطة- يريدون ان يتخلصوا مني وانا في قرارة نفسي، أفضلهم على كثير من فئات الشعب السعودي، حيث إن السعودية عندما تآمرت على ابراهيم كانت خائفة من انتشار نظام حكم اليمن الذي أسسه الحمدي والرخاء والعدل الذي ساد البلاد وخشيت من أن ينقلب شعبها عليها”.

    دور الملحق العسكري السعودي صالح الهديان في اغتيال الحمدي

قالت الصحيفة إن صالح الهديان الملحق العسكري السعودي بصنعاء هو من تولى الاشراف الفعلي على تصفية الرئيس إبراهيم الحمدي وشقيقه قائد قوات العمالقة عبدالله الحمدي.
وأضافت أن الهديان كان “يتصرف في صنعاء وكأنه الحاكم العسكري لليمن فيتدخل في كل صغيرة وكبيرة ويملي على أجهزة الدولة ما يريده من قرارات واوامر باعتباره ممثلاً للنظام السعودي الذي يرى ان اليمن مجرد تابع وتحت الوصاية والهيمنة”.
كما لفتت الصحيفة إلى نفوذ الهديان في عهد الرئيس الحمدي والذي “اقتصر على مجموعة العملاء التابعين للنظام السعودي داخل الجيش ومنهم قادة عسكريون مقربون من الرئيس الحمدي والذي اتجه نحو بسط نفوذ الدولة وتحقيق سلطة القانون على الجميع”، مشيرة إلى أن ذلك ما أدى إلى “تضييق الخناق على تحركات السفير السعودي ومعه الملحق العسكري”.
كما تطرقت الصحيفة إلى أن اسم الملحق العسكري السعودي ورد في الكثير من المراسلات والتقارير المرسلة من السفارات الأجنبية داخل اليمن ومراسلات أخرى لم يكشف عنها بعد، مشيرة إلى أن جميع تلك التقارير والمراسلات تؤكد “أن النظام السعودي وراء اغتيال الرئيس الحمدي وتصفيته بتلك الطريقة البشعة والمروعة مع شقيقه إضافة الى اختفاء عدد من المحسوبين عليه من قيادات الدولة في نفس يوم الاغتيال”.
وفيما أشارت 26 سبتمبر إلى أن الرئيس الشهيد كان حريصاً على حفظ العلاقات بين اليمن والسعودية والاكتفاء فقط بإيقاف تدخلات الأخيرة في الشأن اليمني ووقف دعمها للمخربين ومراكز القوى، كشفت الصحيفة إن “إحدى وثائق السفارة الامريكية تؤكد ان الحمدي حاول توسيط الرئيس السوداني جعفر نميري لدى السعودية وهو ما يؤكد ان الشهيد الحمدي كان حريصاً على استمرار العلاقة بل لم يكن في مخيلته، بل ولا في مخيلة اليمنيين كافة ان يصل الامر بهذا النظام الى الاقدام على جريمة التصفية والاغتيال وهي الجريمة التي لم تستهدف الحمدي كشخص وكرئيس بقدر ما استهدفت اليمن المشروع والنهضة والتقدم والمستقبل”.
كما تضيف الصحيفة إن أسباب الاغتيال كانت من ضمنها:
* توجه الحمدي نحو استقلال القرار الوطني والاستمرار في عملية البناء بعيداً عن الشروط السعودية.
* ملف الحدود الذي رفض الحمدي تقديم أية تنازلات فيه.
* ملف النفط الذي عمل الحمدي على استقدام الشركات الأجنبية للاستكشاف في الكثير من القطاعات والمناطق.
* قيامه بتمتين العلاقة مع الشطر الجنوبي وموقفه من أمن البحر الأحمر والدور الذي بدأت تأخذه اليمن على المستوى الإقليمي والعربي.
كما تكشف الصحيفة إن القادة العسكريين اليمنيين الموالين للسعودية كانوا – للأسف الشديد – مقربين من الحمدي، وأضافت الصحيفة: “وقد تمكنت السعودية وكذلك مخابرات دولية من استقطابهم فكانوا يعملون على تزويد النظام السعودي بالمعلومات المطلوبة عن الحمدي وماذا يقول في الاجتماعات المغلقة سيما مع القيادات العسكرية”، مشيرة إلى أنه وبعد اغتيال الشهيد الحمدي “وصل وفد عسكري سعودي إلى صنعاء بعد العملية بثلاثة أيام وفي مثل هذه الاحداث وهذه الظروف يعمل النظام السعودي على استخدام المال لضمان الموقف وهو ما حدث في تلك الفترة وتكرر- أيضاً- بعد ذلك”.

قد يعجبك ايضا