“بيعة سارق” التحالف يتخلى عن هادي وشرعيته والإصلاح يعلّق مذعوراً

المساء برس – تقرير خاص| يبدو أن التحالف بقيادة السعودية والإمارات تخلى رسمياً عن الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي ولم يعد يتعامل مع اليمن على أساس تحالف تدخل عسكرياً مستنداً إلى ضوء أخضر من سلطة هادي المعترف بها دولياً حينذاك.
ذلك ما تكشفه تحركات السعودية والإمارات لإيجاد حل في اليمن عبر أصحاب القرار الحقيقيين في الداخل المتمثلين بجماعة أنصار الله، ومتجاوزين هادي وشرعيته المحتجزة في فنادق العاصمة السعودية الرياض، وما كشفه بشكل غير مباشر تحذير حزب الإصلاح الأخير الذي ورد على لسان رئيس الدائرة الإعلامية للتجمع اليمني للإصلاح علي الجرادي، والذي قال بأن أن أية محاولات لتجاوز الشرعية اليمنية سيمزق السياج الضامن للدولة.
ورصد “المساء برس” تغريدة للجرادي قبل ساعات من الآن في صفحته على “تويتر” تحذيراً مبطناً للتحالف قال فيها “إن الشرعية اليمنية رئيس وحكومة واحزاب ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية والقرارات الدولية هي الضامن لاستعادة الدولة وديمومتها”، مضيفاً إن على التحالف أن يفرق بين أخطاء الأشخاص وبين “الشرعية كمنظومة متكاملة”، وهو ما يشير إلى أن تجاوز التحالف لـ”الشرعية” يأتي بعد أن أثبتت فشلها الذريع وتسببت الأخطاء التي ظل يرتكبها مسؤولي هادي سواءً من كانوا في الداخل أو من هم في الخارج وهم الغالبية العظمى، تسببت بوضع التحالف في موقف محرج أمام المجتمع الدولي خاصة مع انتشار التنظيمات الإرهابية التي تسرح وتمرح في مناطق سيطرتهم في اليمن، بينما تنعم المناطق التي تديرها حكومة الإنقاذ والتي يعيش فيها ثلاثة أرباع سكان اليمن، بدرجة عالية من الأمن والاستقرار، وأصبح التحالف أمام المجتمع الدولي، وبسبب أخطاء الشرعية، مداناً بارتكاب جرائم حرب وإشاعة الفوضى وتهديد الأمن الإقليمي والدولي، ولهذا حاول تبرير الإصلاح التبرير لهذه الأخطاء، على لسان رئيس دائرته الإعلامية، أنها أخطاء شخصية وأن التحالف مخطئ حين يحسبها على أنها أخطاء “شرعية هادي”.
كما أضاف الجرادي إن “محاولات تجاوز الشرعية أو إضعافها سيمزق السياج الضامن للدولة اليمنية”، وهو ما يكشف أن الإصلاح وضع بيضه بالكامل في سلة “الشرعية والتحالف”، متجاهلاً ومتجاوزاً دعوات ساسة صنعاء الذين فتحوا الأبواب أكثر من مرة للعودة إلى حضن الوطن بعد أن أدركوا أن التحالف الذي بات قراره بيد الإماراتيين لن يستوعبه في أي تسوية سياسية مستقبلية كما أنه لن يقبل ببقائه كمكون سياسي ذو ثقل عسكري مؤثر في الساحة أثناء هذه التسوية.
تأكيد آخر على أن التحالف أبلغ الأحزاب اليمنية الموالية للشرعية والتحالف بأن الحل لن يكون كما ترغب وأن ذريعة التحالف في ذلك هي فشل الشرعية الذريع، ما نشره موقع الوحدوي نت أيضاً من بلاغ صحفي مشترك صادر عن التنظيم الناصري والحزب الاشتراكي والذي طالب “بإجراء عملية تصحيح وإصلاحات جوهرية في إطار الشرعية ومنظومة العمل السياسي الداعم لها، واستعادة الشراكة الفعلية والفاعلة للمكونات السياسية في صناعة القرار وفي الادارة السياسية للأزمة بمختلف مساراتها وفق البرنامج التنفيذي لتحالف القوى السياسية”.
وجاء في البلاغ الذي تم الاتفاق على صياغته بين قيادة الناصري وقيادة الاشتراكي أثناء اجتماع لهما في العاصمة المصرية القاهرة يوم أمس، أن “الشرعية في هذه المرحلة هي شرعية الأسس والمبادئ التي تأسست عليها عملية الحكم وإدارة الدولة في المرحلة الانتقالية كما عبرت عنها المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني لاسيما وثيقة تنفيذ ضمانات المخرجات وأن الأشخاص هم مجرد رموز للتعبير عن تلك الشرعية”.
كما أكد الحزبان على “أهمية تهيئة عدن لتكون عاصمة مؤقتة تعود إليها كافة المؤسسات وقيادات الدولة وقيادات المكونات السياسية والعمل منها بشكل مؤسسي وحمايتها بوحدات أمنية وعسكرية تبنى على اساس وطني”، داعيان في الوقت ذاته إلى تشكيل حكومة مصغرة وإعادة تشكيل مجلس الشورى، وإعادة بناء المؤسستين العسكرية والأمنية على أسس وطنية ومهنية تحت قيادات عسكرية وامنية محترفة”.
وأشار الحزبان إلى ما وصفاها بـ”أهمية مراجعة وتصويب كافة القرارات التي صدرت في المرحلة السابقة وفق معايير الدستور والقانون ومخرجات الحوار الوطني، وإلى أهمية سيطرة الدولة على كل الموارد السيادية للبلد وتنظيف الأوعية الايرادية من الفاسدين لضمان وفاء الدولة بالتزاماتها”، ومما يتضح من البلاغ الصحفي المشترك للاشتراكي والناصري أن الحزبان يريدان القول للتحالف بأنهما بعيدان عن الإخفاقات التي صاحبت أداء الشرعية التي يتحكم بها الإصلاح من ناحية، والاحتفاظ بمصطلح الشرعية والتمسك بإعادتها بعيداً عن من يمثلها في هذه المرحلة من ناحية ثانية، كونها السبيل الوحيد لعودة قيادات هذه الأحزاب إلى اليمن ولممارسة دور سياسي في المستقبل، لكن ما هو واضح من البيان هو أن التحالف لم يتخلَ فقط عن الإصلاح وهادي وشرعيته ومسؤوليه، بل تخلى أيضاً عن كل المكونات السياسية التي تمت للشرعية بصلة.

الإصلاح لم يبقي له أي خيط مع صنعاء وسلم كل شيء للتحالف

ويبدو أيضاً أن التحالف هذه المرة جاد في التحرك للبحث عن حل مع أنصار الله بشكل مباشر متجاوزاً هادي وتيار الإصلاح الموالي له، ورغم ذلك لا يزال التحالف يستخدم أدوات هادي ومقاتلي الإصلاح للقتال بهم في مختلف الجبهات من واقع المضي في المسار السياسي غير المعلن بالتزامن مع الضغط العسكري الذي يدفع ثمنه مقاتلو الإصلاح والجنوبيين الذين يقاتلون بـ1500 ريال سعودي في الشهر، دفاعاً عن الأراضي السعودية، فيما الجبهات الداخلية تتساقط واحدة تلو الأخرى بأيدي قوات حكومة الإنقاذ ومقاتلي أنصار الله.
وما يؤكد وجود اتفاق نهائي بأن الحل في اليمن لن يكون إلا بالاتفاق مع من يفرضون قوتهم على الأرض ويمتلكون زمام المبادرة وهم جماعة أنصار الله، وأن الرهان على حلفاء التحالف سواء من الإصلاح أو المجلس الانتقالي الجنوبي المحسوب على الإمارات لن يجدي نفعاً بالنسبة للتحالف الذي لم يعد متمسكاً بعناوين الشرعية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة التي ظل يتغنى بها طيلة 3 أعوام ومشرعناً بذلك مجازره التي يرتكبها في كل مكان في اليمن، ما يؤكد ذلك كله هو اختفاء مصطلحات “إعادة الشرعية وتطبيق قرارات مجلس الأمن” في تصريحات المسؤولين السعوديين والإماراتيين المعنيين.
ولم يعد أحد يتحدث عن إعادة الشرعية وتطبيق قرارات مجلس الأمن وغيرها سوى إعلام الإصلاح وإعلام سلطة هادي من الرياض فقط، وهو ما دفع بالحزب إلى تكثيف الهجوم على جماعة أنصار الله خلال الآونة الأخيرة أكثر من أي وقت مضى بهدف الإثبات للتحالف بأن الإصلاح هو الضامن لأي حل في اليمن، أو بعبارة أخرى (الضامن لمصالح الخليج في اليمن) وقد كانت تلك الهجمة بمثابة إثبات حسن النية من الإصلاح للتحالف بأنه لا يزال الورقة الأقوى التي يمكن للتحالف أن يحتفظ بها ويحفظ من خلالها مصالحه في اليمن، وذلك بعد أن شعر الحزب أنه لم يعد مهماً بالنسبة للسعودية التي باتت استراتيجيتها نسخة طبق الأصل من استراتيجية ولي عهد أبوظبي المعادية للإخوان المسلمين.
وبالنسبة للإصلاح فإن عودته للسلطة سواء كمشارك فيها أو كمهيمن عليها كلياً يراها الحزب بأنها لن تكون إلا عن طريق إعادة “الشرعية”، ويحاول تحقيق ذلك بأي ثمن، ولهذا حين يشعر الإصلاح بأي تجاوز من التحالف لهادي وشرعيته، التي هي أساساً تجاوز للإصلاح لكونه المهيمن على مفاصل الشرعية التي لم يعد لها وجود سوى في محافظة مأرب فقط، حين يشعر بذلك يبدأ بالصراخ والتحذير بأن العملية السياسية مهددة وأن اليمن في مهب الريح وأن الدولة ستتفتت، ويحاول تصوير إقصائه من أي عملية سياسية مقبلة هي إقصاء للشرعية وتجاوز لها وإنهاءها.

قد يعجبك ايضا