“العربية تنشر خبر عن القاعدة” وتكشف بدون قصد عن خطة لضرب الإصلاح

المساء برس – تقرير خاص| ردت قناة العربية السعودية على ما نشره موقع “المساء برس” في 17 مارس الجاري عقب قيام عناصر من تنظيم داعش الإرهابي ومعهم مجندون في ما يعرف بـ”الجيش الوطني” في محافظة البيضاء بذبح أحد الأسرى من المقاتلين الموالين للحوثيين ونشر التنظيم الإرهابي صور عملية الذبح على موقعه الإلكتروني.
ومثّل قيام التنظيم الإرهابي الذي يقاتل إلى جانب قوات هادي والتحالف في جبهات البيضاء ضد قوات صنعاء الموالية للحوثيين بذبح أسير حرب وبث المشاهد على موقع التنظيم الإرهابي، إعلاناً واضحاً من “داعش” واعترافاً صريحاً بمشاركته في القتال جنباً إلى جنب مع قوات هادي والتحالف التي تزعم محاربتها للتنظيم، إلى جانب ما ينشره موقع سبتمبر نت الناطق باسم قوات هادي من عمليات عسكرية لعناصر التنظيم الإرهابي في البيضاء تحت مسمى “مقاومة البيضاء” وفي أحيان أخرى “مقاومة آل حميقان”.
وما يؤكد أن تنظيمي القاعدة وداعش لم يعودا يخفيان علاقتهما وتبعيتهما في القتال والتسليح والتمويل لقوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، هو مجاهرة التنظيمين بهذه الحقيقة، حيث كان آخر الأدلة التي تثبت ذلك ظهور جندي في صفوف قوات هادي الموالية للتحالف إلى جانب عناصر داعش الإرهابية التي قامت بذبح الجندي التابع لأنصار الله الذي قامت بأسره خلال العمليات القتالية.
في حين يقدم الإعلام الرسمي التابع لقوات هادي الممثل بموقع “سبتمبر نت” الدليل الآخر الذي يكشف علاقة تنظيم القاعدة وداعش بقوات هادي والتحالف حيث نشر الموقع قبل يومين من قيام داعش بذبح الأسير خبراً أكد ما وصفه بـ”سيطرة قوات الجيش الوطني والمقاومة على مواقع كانت تتمركز فيها المليشيات الإنقلابية في البيضاء” وذكر الموقع تلك المواقع بالاسم، وفي الوقت ذاته نشر موقع تنظيم القاعدة وداعش خبر وصور عملية ذبح الأسير وذكر الموقع في نص الخبر وأسفل الصور المنشورة المكان الذي تمت فيه عملية الذبح، وهي نفس المواقع التي سبق وأعلنها إعلام قوات هادي الرسمي بأنها مواقع تمت السيطرة عليها من قبل “الجيش الوطني والمقاومة”، وحينها نشر “المساء برس” تقريراً مفصلاً عن التفاصيل السابقة والتي كشفتها عملية الذبح الأخيرة.
ويبدو أن ما نشره “المساء برس” قد أزعج إعلام التحالف ودفعه إلى الرد للتغطية على هذه الفضيحة، حيث نشر موقع قناة العربية السعودية “العربية نت” خبراً لا يبدو من صياغته أنه مادة إخبارية تليق بنشرها في قناة إخبارية بحجم العربية، فمثل تلك المعلومات يمكن أن يجدها القارئ والمتابع للشأن اليمني في المواقع الإخبارية الصفراء التي تشعل محركات البحث الإخبارية بالأخبار الكاذبة وغير المعقولة التي تكتفي فقط بوضع العناوين الجاذبة بقصد جذب وشد القراء إليها، وهو ما بدأت بممارسته أيضاً قناة العربية وشقيقتها الحدث ومواقعهما على الإنترنت.
ما نشره موقع العربية نت كان خبراً مفاده أن مصادر عسكرية، حسب زعم الموقع، نقلت معلومات من مصادر أمنية يمنية “بأن # ميليشيات _ الحوثي تنوي تنفيذ عمليات إرهابية في محافظات يمنية باسم (خلايا داعش وتنظيم القاعدة)”، كما زعم الخبر أيضاً أن هذه العمليات سيتم تنفيذها خلال الأيام القادمة، زاعماً في الوقت ذاته أن العمليات “عبارة عن تفخيخ مركبات وزرع عبوات ناسفة تُفجر عن بعد”، وكي تجعل قناة العربية خبرها أكثر حبكة، زعمت أيضاً أن من وصفتها بـ”المليشيات الحوثية” ستقوم “بإنتاج أفلام لعمليات نحر وإعدام بنفس طريقة الخلايا الإرهابية تحت مسمى داعش والقاعدة”.
اللافت والخطير في خبر قناة العربية هو ما ورد في آخره، حيث قالت القناة “وذكرت المصادر أن تلك الأنشطة ستتركز في محافظتي الجوف والبيضاء، ومحافظات أخرى تحت نفوذهم”، ويرى مراقبون أن ورود اسم محافظة البيضاء في هذه الفقرة يدل على أحد أمرين، الأول: هو أن الخبر جاء للتغطية على ما نشره “المساء برس” وأحدث ضجة وسط المتابعين بالإضافة إلى ما نشرته وسائل إعلامية أخرى تابعة وموالية لأنصار الله، أما الأمر الثاني وهو الأهم: فهو أن هذا الخبر يأتي تمهيداً لاعتبار عناصر تنظيم القاعدة وداعش في البيضاء أنهم جنود ينتمون لـ”الجيش الوطني” وليسوا من تنظيم القاعدة، وهو ما يعني إبعاد الشبهة والاتهامات للتحالف بضم عناصر القاعدة وداعش إلى صفوف “الجيش الوطني”، ففي حال تمت غربلة عناصر الجيش التابع لهادي والمنضمة إليه منذ مارس 2015 وحتى الآن وجرى الاعتراض على تواجد عناصر القاعدة ضمن قوام هذا الجيش، فحينها أصبحت إجابة التحالف على هذا الاعتراض جاهزة وهي أن القاعدة وداعش في البيضاء ليست سوى مقاومة شعبية وتم دمجها في قوات الجيش وأن القاعدة وداعش كانت مجرد عمليات يقوم بها الحوثيون تحت هذا الاسم.
أمر آخر لا يقل في خطورته عن سابقه وهو ورود اسم محافظتي الجوف والبيضاء وهما المحافظتان اللتان بدأ التحالف وتحديداً الإمارات بمحاربة وتصفية وتقليص نفوذ الإصلاح فيهما ففي البيضاء وقبل يومين من نشر قناة العربية لهذا الخبر جرى ضم كتيبتين معظم عناصرها من تنظيم القاعدة من المنتمين لمنطقة “آل حميقان” وهي المنطقة التي تعتبر معقلاً من معاقل تنظيم القاعدة منذ عهد نظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح وبعد أن تم إعلان ضم هاتين الكتيبتين بشكل رسمي لتتحول مما كانت تطلق على نفسها “مقاومة آل حميقان” إلى كتيبتين تم إلحاقهما بقوات هادي كـ”جيش وطني”، بعد أن تم ذلك قبل أكثر من أسبوعين بحفل رسمي وحضور قيادات عسكرية معروفة بانتمائها للإصلاح، جرى قبل يومين قيام قوات التحالف بقيادة الإمارات بسحب هاتين الكتيبتين من قوات هادي وضمهما إلى القوات التي يجري تجميعها حالياً للقتال تحت إمرة الإمارات عبر طارق صالح المتواجد في عدن، وهو الأمر الذي تسبب بظهور خلافات بين فصائل التحالف في البيضاء فاحت رائحتها لتصل تسريباتها عبر مصادر خاصة إلى “المساء برس”، والتي أضافت إلى تلك المعلومات تأكيدها بوجود نوايا للإمارات بدأت تعمل عليها حالياً برفع يد الإصلاح وإخراج قواته من البيضاء وتمكين القوات الموالية للإمارات بدلاً عن ذلك، والتي من بينها عناصر تنظيم القاعدة من آل حميقان التي كانت تسمي نفسها مقاومة وجرى ضمها رسمياً لقوات هادي ثم سحبها وإعادتها لقوات طارق صالح، وبالتالي فإنه ليس من المستبعد أن يكون خبر قناة العربية يأتي تمهيداً لما ستقوم به الإمارات ومليشياتها المسلحة ضد القوات المحسوبة على الإصلاح في البيضاء.
وفيما يتعلق بمحافظة الجوف فقد انتهت قبل عدة أيام الخلافات بين هاشم الأحمر قائد المنطقة العسكرية السادسة المُعين مؤخراً برغبة من القوات السعودية والإماراتية، ومحافظ الجوف المُعين من قبل التحالف والمحسوب على حزب الإصلاح الشيخ أمين العكيمي، والتي انتهت ببسط هاشم الأحمر سيطرته على الجوف عسكرياً ومدنياً وخروج العكيمي من المحافظة بشكل نهائي ومغادرته إلى العاصمة الرياض بعد أن طلب من اللواء علي محسن إجازة مفتوحة، غير أن عناصر الإصلاح لا زالت مسيطرة عسكرياً وقبلياً نوعاً ما في المحافظة التي أصبحت تحت إمرة وقيادة هاشم الأحمر الحليف الجديد للسعودية والإمارات هناك وبالتالي فإن التخلص ورفع يد الإصلاح وقواته من المحافظة سيتطلب إما مواجهات مباشرة أو تصفيات واغتيالات، وهو الأمر الذي تكشفه العربية بخبرها الذي يمهّد للقضاء على الإصلاح في البيضاء والجوف على السواء، فيما من يقف، حقيقة، خلف هذا المخطط هو ذاته الذي نشر الخبر والذي يهدف من خلاله إلى إبعاد الشبهات حوله من أي اتهامات قد تتجه إليه من حزب الإصلاح، غير أن محاولة إبعاد الشبهة هذه، وبهذه الطريقة التي فعلتها العربية، كانت طريقة مفضوحة تكشف عن مدى استخفاف السعودية والإمارات ووسائلها الإعلامية بخصومهما في حزب الإصلاح الذي لا يبدو أنه سيستوعب المخطط إلا بعد فوات الأوان.



قد يعجبك ايضا